وفيه من الخلط بين الاصطلاح الاصولي والاصطلاح المنطقي في الخاصّ والعامّ ما لا يخفى ، فيرجع إلى التعريف بالمبائن فإنّ ما ذكروه منطبق على الخاصّ المنطقي قبالا للعامّ المنطقي كما يرشد إليه التمثيل بالنوع والجنس المقول على أنواعه.
ومنها : ما عن ذريعة السيّد من : « أنّه ما يتناول شيئا واحدا » (١).
وفيه : انتقاض العكس إن اريد بقيد واحد الوحدة بشرط لا ، لأنّه لا ينطبق إلاّ على الأعلام الشخصيّة وانتقاض طرده إن اريد به الوحدة لا بشرط ، أي سواء تناول أزيد من واحد أو لا لأنّه يشمل العامّ بجميع أفراده فإنّه يتناول الواحد لا محالة لأنّه القدر المتيقّن ممّا يندرج تحته ولو على القول بجواز التخصيص إلى واحد.
ومنها : ما يستفاد من الشيخ في العدّة حيث قال : « ومعنى قولنا في اللفظ : « أنّه خاصّ » يفيد أنّه يتناول شيئا مخصوصا دون غيره ممّا كان يصحّ أن يتناوله ».
وفيه أيضا انتقاض العكس لأنّه لا يشمل إلاّ العامّ المخصّص كقولنا : « أكرم العلماء العدول » أو « أكرم العلماء إلاّ فسّاقهم » أو « أكرم العلماء إن جاؤوك أو إلى أن يفسقوا » فإنّه الّذي يتناول الشيء المخصوص وهو البعض المراد من اللفظ دون غيره من سائر الأفراد لوجود مانع التخصيص مع صحّة تناوله لو لا التخصيص.
ومنها : ما حكاه الآمدي من : « أنّه كلّ ما ليس بعامّ » وفي معناه ما أشار إليه الحاجبي فإنّه بعد ما عرّف العامّ بما تقدّم قال : « والخاصّ بخلافه ».
واعترض عليه بما حكاه بعض الأعاظم (٢) من أنّ العامّ والخاصّ متبائنان فتعريف أحدهما بالآخر دوري.
ويدفعه : منع لزوم الدور ما لم يكن التوقّف من الجانبين وهو أن يعرف كلّ منهما بالآخر وهاهنا ليس كذلك ، لعدم كون الخاصّ مأخوذا في تعريف العامّ فمعرفة الخاصّ حينئذ موقوفة على معرفة العامّ ولا عكس.
والّذي يظهر لي أنّ ما ذكر تعريف تامّ لا يرد عليه انتقاض طرد وانتقاض عكس ، فإنّ العامّ والخاصّ من الامور الإضافيّة فلو ورد في الخطاب : « أكرم الناس ، وأكرم الرجال ، وأكرم العلماء ، وأكرم الاشتقاقيّين ، وأكرم الصرفيّين ، وأكرم زيدا » فكلّ واحد ممّا عدا
__________________
(١) الذريعة في اصول الشريعة ٢ : ١٩٧.
(٢) إشارات الاصول : ١١٤.