ذلك بين تعلّقه بنفس ذلك الجزء مقيّدا بالعبادة أو بالعبادة مقيّدة به.
وإن تعلّق بها لشرطها فإن كان لفقدان ما يصلح شرطا كان مفاده شرطيّة المفقود كالأمر المتعلّق بما يصلح لكونه شرطا ، وإن كان لوجوده على صفة خاصّة كان مفاده اعتبار خلوّ الشرط عن هذه الصفة من غير فرق فيه أيضا بين تعلّقه بنفس الشرط مقيّدا بالعبادة أو بالعبادة مقيّدة به.
وإن تعلّق بالوصف الداخل كان مفاده كون الهيئة المعتبرة ما حصلت بخلاف هذا الوصف ، كما لو قال : « لا تصلّ الظهر جهرا » وإن تعلّق بالوصف الخارج أو بأمر خارج متّحد أو غير متّحد في الوجود كان مفاده كون هذه الامور من مقولة الموانع من المكلّف به أو القواطع له كما في الضحك والكلام والبكاء للدنيا ، وقضيّة ذلك تعيّن كون المكلّف به الّذي يلحقه وصف الصحّة ما خلى عن هذه الأمور ، فكلّ هذه المعاني المستفادة من النهي الإرشادي تشارك في استلزام الفساد بالمعنى المتنازع فيه بالقياس إلى العبادة.
وعلى الثاني : مقتضاها باعتبار الوضع اللغوي أو العرفي حرمة المورد كائنا ما كان ، وهي كما ترى ليست بعين الفساد الّذي هو في العبادة عبارة عن عدم موافقة الأمر ، ولا أنّه جزء منها ولا لازما لفظيّا لها بحيث يدلّ عليه اللفظ التزاما باللزوم البيّن بالمعنى الأخصّ أو الأعمّ ، فبطل بذلك القول بدلالة النهي في العبادات عليه لغة بل شرعا أيضا ، إلاّ أن يكون ذلك لفهم التخصيص عرفا المستند إلى الوضع النوعي التركيبي الثابت للمخصّص والمخصّص ، فيفهم بملاحظة النهي التحريمي خروج المورد عن عموم الدليل المقتضي للصحّة بمعنى موافقة الأمر كـ ( أَقِيمُوا الصَّلاةَ )(١) و ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ )(٢) من باب التخصيص على حدّ ما يفهم عرفا من تخصيص قوله : « أكرم العلماء » بقوله : « لا تكرم زيد العالم » وإن كان مبنى فهم العرف المضادّة بين الوجوب أو الندب والحرمة واستحالة اجتماع المتضادّين في محلّ واحد فيختصّ فهم التخصيص بما لو كان مورد النهي نفس العبادة كما في المنهيّ عنه لنفسه كقوله : « لا تصلّ الحائض ، أو لا تصوم الحائض ، أو لا يصوم المسافر أو لا تصم يوم العيد » أو المنهيّ عنه لجزئه أو لشرطه لفقدان الجزء أو الشرط أو وجوده على صفة منقصة كقوله : « لا تصلّ بلا قراءة سورة ، أو بلا ساتر ، ولا تصلّ مع قراءة العزيمة أي صلاة مشتملة على قراءة العزيمة ، ولا تصلّ بساتر مغصوب » ونحو ذلك ، أو المنهيّ عنه لوصفه
__________________
(١) البقرة : ١١٠.
(٢) البقرة : ١٨٥.