وهذا واضح ، وإنّما الكلام هنا في شيئين :
أحدهما : أنّ اعتبار الترتيب بين الشيئين أو الأشياء في مقام الأمر يلازم الاشتراط والتعليق ، وهو إنّما يصحّ من غير العالم بالعواقب وأمّا منه ـ فبناء على التحقيق ـ موضع إشكال ، بل الّذي يساعد عليه البرهان أن يخصّ الخطاب الأوّل بمن يتمكّن عن الشيء الأوّل الّذي هو المقدّم لمكان علمه تعالى بتمكّنه ، والخطاب الثاني بمن يتعذّر عليه ذلك ، فهو مكلّف به مطلقا كالأوّل لا أنّه مكلّف به بشرط أن لا يتمكّن من الأوّل ، كالاضطراريّات من أفراد الصلاة بالقياس إلى غير المتمكّنين من المكلّفين من الفرد الاختياري الجامع لشرائط الاختيار.
وثانيهما : أنّ ما ذكروه من الأحكام الثلاث لصور الجمع في كلّ من القسمين ممّا لا يتحقّق معناه ، فإن أرادوا أنّ الجمع من حيث إنّه مفهوم حاصل من انضمام كلّ واحد إلى الآخر في الإيجاد الخارجي فهو له حكم بنفسه ، بمعنى أنّه ممّا لا حظه الشارع بالخصوص وأثبت له تلك الأحكام ، فهو كلام سخيف لا ينبغي الالتفات إليه.
وإن أرادوا أنّ الانضمام له مدخليّة في ثبوت تلك الأحكام لما زاد على الواحد الّذي دخل في حيّز الوجود بحيث لولاه لما كان ذلك الزائد حراما ولا مباحا ولا مندوبا فأوضح فسادا من الأوّل ، ضرورة أنّ أكل الميتة مع التمكّن عن أكل المذكّى حرام سواء حصل الانضمام بينهما أم لم يحصل ، والتيمّم مع التمكّن عن الوضوء لو حصل الإتيان [ به ] لا بقصد التشريع [ بل ] لغرض معتدّ به فهو مباح سواء انضمّ إليه الوضوء أيضا أو لا ، ومع قصد التشريع يكون حراما ولو مع الانضمام ، وكذلك الكلام في خصال الكفّارات فإنّ ما زاد منها على الواحد الّذي أتى به لأجل الامتثال له في حدّ ذاته حكم استحبابي ثابت من غير جهة الانضمام ، فلو أوتي به من هذه الجهة كان امتثالا لذلك الحكم وإلاّ كان محرّما لأجل البدعة.
فالأولى أن يقال : إنّ ما بقي من معادلات الواجب المخيّر بعد حصول البعض يتبع في الحكم ما قبل تعلّق الخطاب التخييري إن مندوبا فمندوب وإن مباحا فمباح ولو بحكم الأصل ، لأنّ قضيّة ما قرّرناه من معنى التخيير انحلال القضيّة التخييريّة إلى عقدين إيجابيّ وسلبي ، فالّذي يبقى بعد حصول الامتثال بالبعض يدخل في العقد السلبي فيكون بلا مانع عن جريان ما ثبت لعنوانه الخاصّ من الحكم خصوصا أو عموما فيه ، فيجري مجرى المندوب أو المباح ما لم يلحقه نيّة الوجوب التخييري وإلاّ يحرم للتشريع ، كما أنّه قد