في نظر الحسّ ، وغاية ما يحصل هنا من التمييز بواسطة الاشتمال على الربا أو وقوع الحصاة إنّما هو تمييز للمبيع والمقصود اعتبار الوصف اللازم في البيع دون متعلّقه.
إلاّ أن يقال : إنّ البيع عبارة عن أمر معنوي لا يدرك بالحسّ بل المدرك به متعلّقه من المبيع أو الثمن فيجوز لحوق ذلك الوصف له بالعرض والمجاز ، ولكنّه مع بعده وافتقاره إلى التكلّف لا يتمّ إلاّ إذا جعلنا البيع عبارة عن النقل أو الانتقال دون العقد أو اللفظ أو نفس الإيجاب والقبول.
وأمّا المنهيّ عنه لو صفه الخارج : ففي العبادة كالنهي عن الصلاة في الدار المغصوبة ، نظرا إلى كون هذه الأكوان غصبا وغير مأذون فيه ليس من مقوّمات الصلاة ولا من مميّزاتها ولا من مشخّصاتها ولذا لا يتبدّل بزواله في الأثناء نوع الصلاة ولا شخصها في نظر الحسّ ، وإن كان كونها في هذه الدار من جملة المشخّصات ، فإنّ النهي عنها لم ينشأ عن كونها في هذه الدار بل عن كون كونها في هذه الدار غير مأذون فيه.
وفي المعاملة كالنهي عن ذبح مال الغير ، وعن بيع العنب ليعمل خمرا ، وعن بيع الخشب ليعمل صنما ، وعن بيع السيف مثلا ليقتل به مسلما وما أشبه ذلك ، فإنّ كون الحيوان مال الغير إذا زال حال الذبح لم يتبدّل به شخص الذبح ، وقصد عمل الخمر أو الصنم أو قتل المسلم إذا زال حال بيع العنب أو الخشب أو السيف لم يتبدّل به شخصه.
أمّا المنهيّ عنه لشيء مفارق متّحد معه في الوجود : ففي العبادة كالنهي عن الغصب الّذي قد يجامع الصلاة ويتّحد معها في الوجود على التحقيق المتقدّم في البحث السابق.
وفي المعاملة كالنهي عن المكالمة مع الأجنبيّة الّتي قد تجامع البيع بالصيغة معها وتتّحد معه في الوجود ، والبيع وقت النداء إن رجع النهي إلى تفويت الجمعة وهو قد يجامع البيع ويتّحد معه في الوجود.
وأمّا المنهيّ عنه لشيء مفارق غير متّحد في الوجود : ففي العبادة كالنهي عن النظر إلى الأجنبيّة الّذي قد يوجد حال الصلاة ، وفي المعاملة كالنهي عنه أيضا على فرض تحقّقه في البيع.
ثمّ إنّه لا إشكال في كون المنهيّ عنه لنفسه أو لجزئه أو لشرطه أو لوصفه الداخل أو الخارج من الأقسام السبع المذكورة داخلا في عنوان المسألة ومحلاّ للنزاع فيها.
وأمّا ما نهى عنه لمفارق متّحد أو غير متّحد فقد يقال : بأنّ الأوّل منهما خارج عن هذه المسألة وداخل في المسألة السابقة ، كما أنّ الثاني منهما خارج عن المسألتين.