منها أو أعمّ منها فيندرجان فيها.
ولذا قد يقال : إنّ العبادة بهذا التفسير لها معنيان :
أحدهما أخصّ من الآخر مطلقا لافتراق الآخر عنه في الوقف والعتق إذا صدرا من الكافر.
فقد ظهر أنّ المراد بالصحّة في تفسير العبادة لا بدّ وأن يكون ما يعمّ الصحّة الجارية في الواجبات والمندوبات والصحّة الجارية في العقود والإيقاعات ، وهو ترتّب الأثر الشرعي المقصود بالأصالة من وضع مورده في نظر الشارع ، وحملها على ذلك لا ينافي شمول التفسير المذكور المندوبات والواجبات التعبديّة ، لا لأنّ الأثر المترتّب عليهما موافقة الأمر أو سقوط القضاء كما توهّم ، فإنّه على ما سيظهر بمعزل عن التحقيق ، بل لأنّ فيهما أيضا آثارا مخصوصة مقصودة من وضعهما متوقّفة في ترتّبها على قصد الإطاعة ونيّة الانقياد وإن لم نعلمها بالخصوص أو كان هو حصول التقرّب والزلفى.
ولا ينتقض التفسير على تقدير كون ذلك هو الأثر المقصود بالأصالة أو بعضا منه بوقف الكافر وعتقه ، لأنّ الأثر المقصود في وضع العبادة والمعاملة لو حظ من باب العلّة الغائيّة ، ولا يجب في كلّ علّة غائيّة أن تترتّب على المعلول فعلا بل هي كثيرا مّا لا تترتّب عليه فعلا لمصادفة فقد شرط أو وجود مانع ، على أنّ كلّ فعل بالقياس إلى علّته الغائيّة من باب المقتضي وظاهر أنّ المقتضي قد يجامع فقد شرط من شروط اقتضائه أو وجود مانع من موانع اقتضائه ، ولا ريب أنّ الكفر في وقف الكافر وعتقه من موانع حصول التقرّب إذ لولاه كان التقرّب حاصلا.
وبما ذكرناه يندفع ما عساه يورد من عدم انطباق الحدّ المذكور على ما يقع عليه اسم العبادة ، فإنّ الإطلاق يقع على المفاهيم الكلّية من أنواع الواجبات التعبديّة والمندوبات والعتق والوقف والحدّ المذكور لا ينطبق إلاّ على جزئيّاتها الخارجيّة ، لأنّ الصحّة المأخوذة فيه غير خالية عن أن يراد بها ما هو مصطلح المتكلّمين وهو موافقة الأمر أو ما هو مصطلح الفقهاء وهو إسقاط القضاء ، وأيّا منهما كان فهو من لوازم الوجود الخارجي.
أمّا الأوّل : فلأنّ الموافقة أمر نسبيّ يقتضي المغايرة بين منتسبيه الموافق والموافق ، ولا يستقيم ذلك إلاّ إذا اعتبر الموافقة وصفا للفرد المأتّي به لأنّه الّذي يوافق المأمور به الكلّي ، إذ لو اعتبرت وصفا لنفس الكلّي المأمور به اتّحد الموافق والموافق وهو محال ،