تعلّق الأمر بها وإنّما تصير مقيّدة إن اخذت بقيد هذه الإضافة وبشرط تلك الخصوصيّة ، ولا ريب أنّه إيجاد واحد يلحقه إضافتان باعتبار الإطلاق والتقييد ، وهو مع قطع النظر عن الخصوصيّة الناشئة عن الإضافة إلى المكان إمّا أن يحصل بوصف الوجوب المتعلّق بالماهيّة المطلقة أو بوصف الكراهة أو بوصفيهما.
فإن قلت بالأوّل اتّجه عدم الكراهة بمعناها المعروف.
وإن قلت بالثاني اتّجه البطلان.
وإن قلت بالثالث اتّجه محذور اجتماع المتضادّين ، ضرورة أنّ الماهيّة المطلقة كانت ممنوعا تركها وقد صارت بالكراهة مأذونة في تركها.
لا يقال : هذا إنّما يتّجه لو قلنا بتعلّق الكراهة بالماهيّة المطلقة وهو خلاف الفرض لتعلّقها بإيجاد الماهيّة المقيّدة ، والّذي لا يجوز تركه هو إيجاد الماهيّة المطلقة ، ولا ريب أنّ إيجاد الماهيّة المطلقة وإيجاد الماهية المقيّدة موضوعان متغايران لا مانع من توارد الحكمين المتنافيين عليهما.
لأنّ هذا تغاير بينهما عند العقل ولا عبرة به ، لأنّ الحكم لا يتعلّق بما عند العقل بل بالإيجاد باعتبار الخارج وهو باعتباري الإطلاق والتقييد واحد لا يتعدّد بتعدّد الإضافة ، والإيجاد الواحد لا يقبل توارد المتنافيين عليه ، واعتبار التغاير نظرا إلى تعدّد الإضافة لا يوجب التغاير الواقعي كما أنّ التعدّد الذهني لا يوجب التعدّد الخارجي.
وبالتأمّل فيما قرّرناه يعلم أنّ اعتبار التعدّد بالنظر إلى الذات والوصف حسبما تقدّم في كلام شارح الوافية أيضا غير مجد ، لأنّ الوصف في الصلاة الواقعة في الحمّام مثلا لا يوجد بإيجاد آخر ممتاز عن إيجاد الذات بل الإيجاد المضاف إليهما واحد والموجود أيضا واحد.
غاية الأمر أنّ هذا الموجود الواحد ينحلّ عند العقل إلى ذات وهي الصلاة ووصف وهو وقوعها في الحمّام ، وهذا لا يصحّح تعلّق الوجوب بالذات والكراهة بالوصف ، لما ذكرناه مرارا من تعلّق الأحكام بإيجادات الطبائع مطلقة ومقيّدة كما صرّح هو به أيضا في أوّل [ كلامه ] وجعله القول المنصور ، وعلى هذا فبين كلامه هذا وسائر كلماته تهافت واضح.
ثمّ ينبغي التكلّم في تحقيق أحكام الأقسام الثلاث المتقدّمة للعبادات المكروهة من حيث إمكان تصحيحها مع بقاء الكراهة على معناها المصطلح عليه وعدمه ، ثمّ التعرّض لبيان ما ذكروه من توجيهات الكراهة حيث لا يمكن بقاؤها على معناها مع الصحّة ، فنقول :