قسميه لا تكون جائزة ، لاندراجها حينئذ في التشريع القبيح والبدعة المحرّمة فتبطل ، وهذا هو معنى منع الصغرى المنتج للبطلان.
والعمدة في دفع القول بالبطلان منع إطلاق ما زعموه من استلزام النهي التنزيهي لما لا يمكن معه بقاء الأمر بالعبادة مطلقا حتّى فيما له بدل كما لو كان الأمر تخييريّا ، بأن يقال : إنّ ما زعمتم لزومه من النهي من جهة هذا النهي إمّا أن يكون هو التكليف بالمحال بدعوى تعذّر امتثال الأمر التخييري والنهي التنزيهي المذكورين من جهة تعذّر الجمع بين فعل العبادة وتركها ، أو يكون هو اجتماع المتضادّين نظرا إلى أنّ الأمر إذا كان إيجابيّا يقتضي باعتبار فصله المنع من الترك والنهي التنزيهي باعتبار جنسه يقتضي الإذن في الترك وهما ضدّان أو نقيضان يستحيل اجتماعهما في محلّ واحد ، أو يكون هو اتّصاف شيء واحد بوصفين متضادّين التفاتا إلى أنّ الأمر يقتضي رجحان الفعل المستلزم لمرجوحيّة الترك والنهي التنزيهي يستلزم رجحان الترك المستلزم لمرجوحيّة الفعل فيلزم بتواردهما على عبادة كون كلّ من فعلها وتركها راجحا ومرجوحا ، فيجب القول بارتفاع الأمر دفعا لهذه المحاذير ، والكلّ محلّ منع.
أمّا الأوّل : فلأنّ تكليف المحال بمعنى تعذّر الامتثال معناه تعذّر العمل بمقتضى الأمر والنهي معا وهو هنا غير متعذّر ، لأنّ الأمر إذا كان تخييريّا كما في الصلاة في الحمّام فمقتضاه جواز تركها إلى بدل ـ أي على تقدير الإتيان بها في غير الحمّام ـ والنهي التنزيهي عنها أيضا يقتضي جواز تركها فالعمل بمقتضاهما ممكن.
وأمّا الثاني : فلأنّ مقتضى الأمر على ما عرفت جواز الترك إلى بدل ومقتضى النهي التنزيهي أيضا جواز الترك وهما متوافقان لا أنّهما متنافيان.
وأمّا الثالث : فلإمكان رفع المضادّة عمّا بين الرجحان والمرجوحيّة بجعلهما من الصفات الإضافيّة الّتي يمكن اجتماع متقابلاتها عند تعدّد جهة الإضافة كالفوقيّة والتحتيّة لسقف البيت والكثرة والقلّة للعشرة بالإضافة إلى السماء وأرض البيت أو إلى ما تحت العشرة من الآحاد وما فوقها من الأعداد من غير تناف ولا تضادّ ، فإذا أمر الشارع بكلّي له أفراد إيجابا أو ندبا كشف ذلك الأمر عن رجحان فعله على تركه المطلق الّذي لا يتحقّق إلاّ بترك جميع أفراده ، ثمّ إذا نهي عن بعض أفراده فإن كان ذلك نهي تحريم كشف عن وجود مفسدة فيه ناشئة عمّا فيه من الخصوصيّة موجبة فيه لمرجوحيّة متأكّدة فائقة على