كما هو مفروض المقام زال معه الحصّة الجنسيّة ، لأنّ وجود [ ها ] رابطي تحليلي وإن كان له منشأ انتزاع في الخارج على ما هو المذهب الحقّ في وجود الجنس ، فالتحقيق كما فرضنا انعدام الحصّة الجنسيّة المنضمّة إلى الفصل بانعدامه ، ويلزمه انعدام النوع المركّب منهما ، وتحقّق نوع آخر ممّا يحتاج إلى موجب ودليل.
أقول : وعندي أنّ مبنى هذا الدليل على الخلط بين الأجناس والفصول العقليّة المتحقّقة في الماهيّات المتأصّلة الخارجيّة وغيرها وبين الأجناس والفصول الجعليّتين المتحقّقتين في الماهيّات الجعليّة ، ودعوى أنّ الجنس يتقوّم بفصله فلا يعقل بقاؤه مع زوال الفصل على فرض صحّتها إنّما يسلم في الأجناس والفصول العقليّة ولا تسلم في الأجناس والفصول الجعليّة.
وتوضيح ذلك : أنّ الوجوب قد يعتبر بالبناء للمفعول فيعبّر عنه بكون الشيء مطلوب الفعل ممنوع الترك ، وقد يعتبر بالبناء للفاعل فيعبّر عنه بطلب الفعل مع المنع من الترك.
والأوّل وصف قائم بالفعل وهو أثر حاصل من الثاني فيتبعه في كلّ من حدوثه وبقائه وارتفاعه.
والثاني فعل نفسانيّ قائم بنفس الآمر وطلب الفعل يتضمّن تجويزه فهو مع المنع من الترك أمران جعليّان منوط كلّ منهما بجعل الجاعل ، أي إحداثه وإيجاده في النفس ، والمنع من الترك يقابله الإذن في الترك كما أنّ تجويز الفعل يقابله المنع من الفعل وهذان أيضا جعليّان منوطان بجعل الجاعل ، وكما أنّ الآمر عند الأمر وإنشاء الوجوب له أن يتصدّى لجعل كلّ من تجويز الفعل والمنع من الترك وإيجاده في ضميره ، فكذلك له عند النسخ أن يتصدّى لرفع كلّ من مجعوليه المستلزم لجعل مقابلهما من المنع من الفعل والإذن في الترك وإحداثه مكانهما ، وله أيضا أن يتصدّى لرفع أحد مجعوليه وهو المنع من الترك وإبقاء الآخر وهو تجويز الفعل مقرونا بالإذن في الترك الحادث مكان المنع من الترك ، فيتولّد به الندب إن بقي في الفعل نوع رجحان ، أو الكراهة إن زال رجحانه بالمرّة وحدث مكانه نوع مرجوحيّة ، أو الإباحة إن زال رجحانه مع عدم حدوث مرجوحيّة ، وهذا هو معنى بقاء الجواز بعد نسخ الوجوب ، وقد شهد بجوازه بل وقوعه فعلا ضرورة الوجدان من غير أن يستتبع محالا ولا محذورا.
ولك أن تقول : إنّ الجنس الجعلي في الامور الجعليّة لا تقوّم له بفصله الجعلي بل غايته اقترانه به ، ولذا قد يعرّف الوجوب بطلب الفعل المقرون بالمنع من الترك أو عدم الرضا بالترك.