صوم رمضان بحسب ظنّه الّذي عليه المعوّل في التكليف ، ولذلك وقع فيه الخلاف بين الأصحاب » (١).
ومن الأعاظم (٢) من تنظّر فيه أيضا : « بأنّه إنّما يتمّ لو كانت الكفّارة لبطلان الصوم ، وأمّا إذا كانت لمخالفة الأمر ولو في الظاهر كما هو الظاهر فلا ».
أقول : وعلى القول المختار في الفقه من عدم ثبوت هذه الكفّارة إلاّ لمخالفة الأمر الواقعي بالصوم تمّ الفرع.
وإنّما عبّروا عن الامور المذكورة بالفروع لا بالثمرات ، لأنّ ثمرة تلك المسألة المقصودة بالأصالة من تدوينها إنّما هو وجوب التخصيص وعدمه في العمومات الشاملة بظاهرها لجميع المكلّفين ممّن جمع شرائط التمكّن ومن فقدها. ثمّ يتفرّع على ذلك الامور المذكورة.
وتوضيحه : أنّك قد عرفت في مفتتح المسألة أنّها من المسائل الكلاميّة الّتي تعدّ في هذا الفنّ من المبادئ الأحكاميّة.
ومحصّل الخلاف فيها يرجع إلى إحراز صغرى تنضمّ إلى كبرى كلّيّة هي من المسائل الاصوليّة وهي قولهم : « كلّ عامّ يجب تخصيصه بخاصّ مخالف له ، متّصل أو منفصل ، عقليّ أو سمعي » فإنّهم بعد ما اتّفقوا على هذه الكليّة اختلفوا في بعض صغرياتها.
ومنها : أنّه لو ظهر عدم تمكّن المكلّف عن المكلّف به بفقدانه لبعض مقدّمات وقوعه فهل ينهض ذلك لتخصيص العمومات الواردة في التكاليف بواجدي شرائط الوقوع أو لا؟
فمن قال بعدم جواز الأمر بما علم انتفاء شرطه يدّعي الأوّل ، لبنائه على كون شرائط الوقوع شروطا في التكليف أيضا فيأخذه مخصّصا عقليّا للعمومات بإخراج فاقدي الشرائط عن تحتها ، فيفرّع عليه في الفقه عدم وجوب القضاء ، وعدم انتقاض التيمّم ، وعدم الكفّارة على من طرأه العذر الرافع للتمكّن.
ومن قال بجوازه بناء منه على الشرطيّة في التكليف أيضا (٣) يدّعي الثاني ويأخذ بعموم العمومات لعدم نهوض ما يصلح مخصّصا لها ، فيفرّع عليه في الفقه وجوب القضاء وانتقاض التيمّم ووجوب الكفّارة على كلّ من الواجد والفاقد استنادا إلى وجود المقتضي وفقد المانع.
__________________
(١) القوانين ١ : ١٢٧.
(٢) إشارات الاصول : ٨٩.
(٣) كذا في الأصل.