انتفائه عمّا بعد الغاية وعدمه الحكم المذكور ، على معنى الحكم المقصود من هذا الخطاب كما هو مفروض هذا الفاضل ، فإنّ ظاهر التقييد انتفاؤه جزما ، ولكنّه لا يفيد انتفاء نوع الحكم ولو ما ثبت منه بخطاب آخر كما لا يخفى.
واعترف به الفاضل في احتجاجه على ما وافق فيه أصحاب القول بنفي الدلالة وهو واضح ، غير أنّ الإشكال في كون مراد القوم من [ الحكم ] المتنازع فيه هو هذا المعنى لا نوع الحكم القابل لكونه مقصودا من هذا الخطاب وغيره ، بل النزاع المثمر إنّما هو النزاع في نوع الحكم كما يظهر من ثمراتهم المذكورة في المقام.
ثمّ إنّ أوّل ما ذكره ذلك الفاضل من الوجوه المستطرفة في إخراج الكلام إلى خلاف الأصل من حمل الأمر على الطلب الغيري ممّا لا مجال إليه في المقام ، إذ لا يرجع ذلك إلى معنى محصّل إلاّ كونه أمرا بجزء المطلوب ، نظرا إلى أنّ الأمر الأصلي بأجزاء المأمور به النفسي غيريّ ، إذ كون ذلك الأمر أمرا بالجزء مع فرض كون المطلوب بذلك الخطاب إمساك ما يعمّ الغاية وما بعدها ممّا لا يتحمّله العبارة ، بل هو عند التحقيق ممّا ينافيه فرض كون الطلب المقصود منه طلبا لمطلق الإمساك ، فإنّ ذلك فرض لكون الأمر أمرا بتمام المأمور به ومعه كيف يصحّ حمله على طلب الجزء.
نعم إنّما يتّجه ذلك لو كان النظر في نوع الحكم كما هو الظاهر لا في خصوص المقصود بذلك الخطاب ، وكأنّه إلتبس عليه الأمر حين ما التفت إلى ذلك الاحتمال فأخذ به غفلة عن منافاته لما هو مفروض كلامه.
وأمّا الوجه الآخر وهو احتمال كون المراد بالليل الجزء المتأخّر منه وإن لم يناف الفرض غير أنّه لا داعي إليه ، لقوّة احتمال كون المراد به المجموع من أجزائه ، بناء على دخول الغاية في المغيّا وإن كان خلاف ما يظهر منه في هذا التركيب في نظر العرف ، من جهة ظهوره في مجيء الليل لا فيه بجميع أجزائه ، ولا تجوّز فيه على هذا الحمل لكونه باعتبار وضعه الإفرادي ـ كالنهار ـ إسما لقطعة من الزمان لا للمقدار المعيّن ، فلذا يكون قابلا للزيادة والنقصان بحسب الساعات المقدّرة ويصدق مع الزائد والناقص صدقا حقيقيّا ، والظاهر كونهما « كالقرآن » للأعمّ من المجموع وكلّ جزء ، لا « كاليوم » في عدم صدقه إلاّ على المجموع ، فلذا لا يصحّ سلبهما عن كلّ جزء وعن المجموع بخلاف اليوم.
ويظهر فائدة الفرق بينه وبينهما في الإجارات والنذور وغيرها من التعليقيّات.