وفاقا لأكثر المحقّقين* (١). وخالف في ذلك السيّد رضى الله عنه فقال : « تعليق الحكم بغاية ، إنّما يدلّ على ثبوته إلى تلك الغاية ، وما بعدها يعلم انتفائه أو إثباته بدليل » ** (٢). ووافقة على هذا بعض العامّة.
لنا : أنّ قول القائل : « صوموا إلى الليل » ، معناه : آخر وجوب الصوم مجيئ الليل*** (٣).
___________________________
مفهوم الوصف على معنى مطلق القيد ، فلا داعي إلى إفرادها بعنوان مستقلّ إلاّ ثبوت الامتياز بينهما بكون الغاية ثمّة قيدا للموضوع وهنا قيدا للحكم.
قلت : قد عرفت بناء النزاع في هذه المسألة على النزاع في أمر صغروي ليس بمتّفق عليه ، فلا ضير في تعدّد العنوانين.
ولو سلّم كونه كذلك عند الجميع فالداعي إلى تعدّد العنوان حينئذ هو كون احتمال الانتفاء هنا أقوى منه ثمّة ، حتّى أنّه زعمه الأكثرون ظهورا عرفيّا حتّى قيل : إنّه مفهوم أقوى من مفهوم الشرط ، نظرا إلى أنّ تراكيب الكلام تختلف في نظر العرف من حيث الدلالة والظهور وعدمهما ، وكلّ تركيب له خصوصيّة لا توجد في غيره ، وكون مبنى بعض التراكيب على انتفاء الحكم بانتفاء قيد الموضوع لا يستلزم كون مبنى غيره أيضا على ذلك.
(١) * وفي المنية : ذهب إليه جماعة من الفقهاء والمتكلّمين كالقاضيين وأبي الحسين البصري ، واختاره فخر الدين والمصنّف ، وقد يعزى إلى الغزالي أيضا وقد ينسب إلى الأكثرين.
(٢) ** وعزاه في المنية إلى أصحاب أبي حنيفة وجماعة من الفقهاء ، وقد يضاف إليهم أبو حنيفة والآمدي ، واختاره من متأخّري أصحابنا الفاضل التوني والسيّد في شرحه للوافية ، وقد يحكى عن الشيخ أيضا.
(٣) *** وتبعه في هذا التقرير جماعة منهم بعض الأعلام وبعض الأعاظم ، وهو ظاهر البهائي أيضا ، وكأنّه اريد من مجيء الليل دخوله بحيث يكون الآخريّة قائمة بالجزء الأوّل من الليل.
ويرد عليه أوّلا : ابتناؤه على جعل الغاية قيدا للحكم ، وقد عرفت أنّه خلاف التحقيق.
وثانيا : استحالة كون الجزء من الليل آخر وجوب الصوم ، لأنّ آخر الشيء كأوّله جزءان منه فيجب أن يكون من جنس ذلك الشيء ، والبينونة بين الوجوب والليل واضحة