هو القدر الجامع بين الامور المتعدّدة وهو متّحد لا تعدّد فيه ، فلا يصلح مجرّد توارد المتعدّد دليلا على المعرّفيّة ، وعلى فرض تسليمه يقتصر على مورده فلا يصحّ دليلا على معرّفيّة عامّة الأسباب في كافّة الموارد.
ودعوى أنّ ذلك من باب القاعدة الكليّة وهي قابلة للتخصيص على خلاف ظواهر الأسباب [ بعيد ] جدّا.
فتحقيق المقام : أنّ القاعدة إن اريد بها ما يستفاد من الظواهر فلا مجال إلى إنكار كونها على خلاف ما ادّعوه من أنّ الأسباب الشرعيّة معرّفات كما قرّرناه بما لا مزيد عليه.
وإن اريد بها ما يستنبط عن الخارج من دليل عقل أو نقل فلا سبيل إلى إثباته حيث لم ينهض عليه شيء من النوعين ، ومجرّد ثبوت المعرّفيّة في بعض المقامات لا ينهض دليلا على ذلك.
ولكن لا يبعد الفرق في الموارد بين ما لو كان المسبّب في ظاهر الخطاب من القضايا التكليفيّة فكان السبب ثابتا من باب المعرّفية على خلاف ما اقتضته القضيّة ، أو من القضايا الوضعيّة فكان السبب ثابتا من باب المؤثّرية ، ففي مثل الأحداث الموجبة للوضوء والاغتسال والأسباب الموجبة للقتل أو الحدّ أو الرجم والعلامات الموجبة للصلوات من الزوال والغروب والفجر ونحو ذلك لا ينبغي القول بقيام التأثير بتلك الأسباب والعلامات ، إذ المسبّب بالقياس إليهما ليس إلاّ حكما تكليفيا وهو الإيجاب المستند إلى الشارع والوجوب القائم بفعل المكلّف.
ومن البيّن أنّ الثاني أثر للأوّل وهو من حيث كونه معنى نفسيّا محتاجا إلى مرجّح لا ينوط إلاّ بمصالح واقعيّة ترجع إلى فعل المكلّف وعلم بها الشارع ، فهو عند التحقيق مسبّب في موارده عن تلك المصالح ومعلول لها.
غاية الأمر أنّ حدوث ذلك في الواقع وتعلّقه بفعل المكلّف لمّا كان أمرا خفيّا على نظر المكلّف فجعل له علامات تكشف عن تحقّق المصالح الواقعيّة وحدوث ما يتسبّب عنها من الأمر النفسي.
وقضيّة ذلك كونها معرّفات لا مؤثّرات ، بخلاف غيرها ممّا يؤخذ في القضايا الوضعيّة كأسباب الضمان وأسباب الملكيّة والزوجيّة وأسباب زوال الملكيّة وزوال الزوجيّة وغيرها من أنواع العقود والإيقاعات ، فيحكم عليها بالمؤثّرية جريا على ظواهر الأدلّة ولا صارف