إلى مفهوم القضيّة بل هو راجع إلى منطوقها الّذي يسلّمه الفريقان معا.
ومرجع ذلك الكلام حينئذ إلى أنّ الشروط المتعدّدة بعد ثبوت سببيّتها للجزاء في جانب الوجود فهل يوجب تعدّدها تعدّد مسبّباتها أو لا يوجبه ، بل المسبّب متّحد وإن تعدّدت الأسباب؟
فانقدح بذلك أنّ النزاع في هذا المقام يرجع إلى كبرى القياس الّتي موضوعها الأسباب المتعدّدة بعد فرض السببيّة والعلّيّة فيها ، لا إلى صغراه وهي أنّ القضيّة الشرطيّة هل تفيد السببيّة أو لا؟
فما عن بعض الأفاضل في منع القول بعدم التداخل استنادا إلى امتناع توارد العلّتين المستقلّتين على معلول واحد من منع كون الأسباب الشرعيّة محلاّ حقيقيّة ، بدعوى أنّ القضايا الشرطيّة لا تفيد سوى التلازم في الوجود من غير دلالة على السببيّة ، والقدر المتيقّن منه المعرفيّة ، ليس على ما ينبغي.
كما أنّ ما عن أصحاب القول بالتداخل من الإيراد على ما يأتي من دليل الآخرين على عدم التداخل بأنّ مناط هذا الاستدلال إطلاق الشرط واستقلاله في التأثير ليلزم منه تعدّد الأثر عند تعدّد الشرط حيث إنّ المفروض استقلاله فيه ، وقد مرّ منّا ما انهدم به بنيان التمسّك بالإطلاق عند ذكر الأدلّة لحجّيّة مفهوم الشرط ، ممّا لا ينبغي الالتفات إليه.
فإنّ الكلام هنا إنّما هو في استقلال الشرط في التأثير في المشروط في جانب الوجود فقط. بمعنى ترتّب ثبوت الجزاء على ثبوته ، والممنوع فيما سلف هو استقلاله على أن يكون علّة تامّة منحصرة تلازم وجودها وجود المشروط وعدمها عدمه ولا منافاة بينهما ، إذ نفي العلّيّة التامّة أو نفي الانحصار لا يستلزم نفي التأثير مطلقا ، على أنّكم سالمتم معنا على ثبوت التأثير والترتّب في الجملة وهذا كاف في ثبوت ما نحن بصدده من لزوم تعدّد المسبّبات عند تعدّد الأسباب.
الأمر الثالث : عن فخر الإسلام أنّه بنى القولين في المسألة على أنّ الأسباب الشرعيّة هل هي مؤثّرات أو معرّفات؟وخصّهما في العوائد بكون الأسباب الشرعيّة معرّفات ، حتّى أنّه يظهر منه عدم استقامة شيء من القولين على القول بكونها مؤثّرات.
وإن شئت محصّل ما حقّقه في المقام فلا حظ قوله : « ثمّ الأسباب على قسمين :
أحدهما : الأسباب الواقعيّة والعلل النفس الأمريّة الّتي هي المؤثّرات الحقيقيّة في