فيها غير مراد ولا معتبر ، والآيات الّتي مفهوم الشرط فيها معتبر لا تكاد تبلغ هذا القدر وكذا الأخبار وأكثر كلام البلغاء » (١).
وثانيا : أنّ الغلبة المدّعاة إنّما نشأت عن أمر يرجع إلى اللغة ، وهو وضع الجملة الشرطيّة أو أداة الشرط على وجه اقتضى الانتفاء عند الانتفاء التزاما وضعيّا لا عن أمر يرجع إلى الشرع ليكون التزاما شرعيّا.
وقضيّة ذلك كون ما لم يقصد فيه نفي الحكم عن غير المذكور من الموارد النادرة فإنّما هو لقرينة خارجيّة.
وبالجملة الغلبة المذكورة غير منافية للالتزاميّة الوضعيّة بل مبتنية عليها ، فلا تكون الدلالة شرعيّة.
حجّة القول بالفرق بين الخبر والإنشاء : أنّ المتبادر كون الشرط شرطا لإيقاع الحكم أي إصداره من المتكلّم ، فإنّ قوله : « إن جاءك زيد فأكرمه » يفهم منه : إن لم يجئك فلا حكم بوجوب الإكرام ، وقوله : « إن نزل الثلج فالزمان شتاء » يفهم منه : إن لم ينزل الثلج فلا حكم بكون الزمان شتاء ، وذلك في الإنشاء يستلزم نفي الحكم عن غير المذكور ، فإنّ عدم حكمه بالمعنى المصدري يستلزم عدم الحكم في نفس الأمر لأنّه تابع له ، وليس ذلك جاريا في الخبر لأنّ عدم الإخبار لا تستلزم عدم وقوع النسبة الخبريّة وذلك واضح.
وجوابه ـ بعد تصحيح ما ادّعي من كون الشرط المذكور في القضيّة شرطا لإيقاع الحكم وإصداره الّذي هو فعل المتكلّم ـ : منع الفرق بين الإنشاء والخبر في عدم استلزام انتفاء إيقاع الحكم بسبب انتفاء شرطه انتفاء الحكم ، فكما أنّ بانتفاء نزول الثلج ينتفي إيقاع الحكم وهو الإخبار بكون الزمان شتاء وهو لا يستلزم انتفاء الحكم في نفس الأمر وهو وقوع النسبة الخبريّة أعني كون الزمان شتاء ، فكذلك بانتفاء المجيء ينتفي إيقاع الحكم الإنشائي وهو الإيجاب وهذا لا يستلزم انتفاء أصل الحكم الإنشائي وهو الوجوب ، لجواز ثبوته للمسكوت عنه بسبب آخر ، بل بإيقاع آخر غير هذا الإيقاع الواقع في هذه القضيّة سابق عليه أو لا حق به ، على أنّ المراد من الحكم المتنازع في انتفائه عند انتفاء الشرط إنّما هو نوعه لا خصوص شخصه الّذي أنشأه المتكلّم بتلك القضيّة ، فإنّه ممّا لا خلاف لأحد في انتفائه عن المسكوت عنه وعدم شموله له ، لقصور القضيّة المنطوقيّة عن
__________________
(١) الفصول المهمّة في اصول الأئمّة ١ : ٨٤.