المنطوق مرادا ، ولا يثبت كونه مرادا إلاّ باللزوم الخارجي ، وهو منتف فيما بين الثبوت عند الثبوت والانتفاء عند الانتفاء لكمال المعاندة فيما بينهما ، واللزوم الذهني إن كان غير كاف في الإرادة ، لأنّ غايته أن يوجب فهمه ويلزم تصوّره من تصوّره وهو غير الإرادة ، مع أنّ اللزوم الذهني أيضا منتف فإنّ تصوّر الثبوت عند الثبوت لا يستلزم تصوّر الانتفاء عند الانتفاء.
ويزيّفه : أنّ اللزوم الذهني ثابت بينهما بحسب الوضع كما قرّرناه ، وهو إذا كان ناشئا من الوضع كاف في الإرادة كما في « العمى » و « البصر » فإنّ البينونة والمعاندة بينهما بحسب الوجود الخارجي واضح مع كون الثاني لازما للأوّل باللزوم الذهني الناشئ من وضع الأوّل للعدم المقيّد بالثاني ، فيلزم تصوّر الثاني من تصوّر الأوّل ويكون مرادا بإرادته ، ولزوم الانتفاء عند الانتفاء للثبوت عند الثبوت من هذا القبيل ، لأنّه ذهنيّ ناش من الوضع ـ لا أنّه ثابت بمجرّد حكم العقل فيلزم تصوّره من تصوّره ـ ويكون مرادا للمتكلّم بإرادته ، فالإرادة في الدلالة الالتزاميّة ليست مقصورة على اللزوم الخارجي فيما هو لازم للماهيّة في الوجود الخارجي.
وبالجملة انتفاء الجزاء بانتفاء الشرط خارج عن كون الشرط بحيث يترتّب عليه الجزاء في الوجود الخارجي لازم له باللزوم الذهني الناشئ من الوضع ، فاللفظ الدالّ على الثبوت عند الثبوت بالمطابقة دالّ على الانتفاء عند الانتفاء بالالتزام.
حجّة القول بالدلالة العقليّة : أنّه لو لم يفد التعليق انتفاء الحكم عند انتفاء الشرط لكان التعليق لغوا يجب تنزيه الكلام عنه.
ويزيّفه أوّلا : النقض بموارد انتفاء المفهوم وعدم إرادته من التعليق ، فإنّ وجودها ضروري فيلزم اللغو. ودفعه : بجواز العدول إلى فائدة اخرى ، يدفعه : أنّ التعليق على الشرط لو كان صالحا للعدول إلى فائدة اخرى غير الانتفاء عند الانتفاء لكان احتماله قائما في محلّ النزاع أيضا فبطل به الاستدلال.
وثانيا : الحلّ بمنع الملازمة لولا الحمل على هذه الفائدة.
وتوضيحه : أنّ المتكلّم إذا قال : « أكرم زيدا » أفاد وجوب إكرام زيد وجوبا مطلقا غير متوقّف على مجيئه غير منتف عند عدم مجيئه ، وإذا قال : « إن جاءك زيد فأكرمه » أفاد وجوب إكرامه وجوبا مشروطا بمجيئه متوقّفا وجوده على وجوده ولو من جهة كونه أحد أسبابه.
وهذه فائدة عظيمة تترتّب على التعليق غير مرتبطة بفائدة الانتفاء عند الانتفاء ،