واجيب عنه : بكونه خلطا بين الشرط المبحوث عنه في المقام وبين الشرط الاصولي.
والأولى أن يجاب : بأنّ الشرط هنا بمقتضى ظاهر الشرطيّة ـ مع استلزام عدمه عدم المشروط ـ يستلزم وجوده الوجود بل علّة في وجوده أيضا ، واستلزام عدمه العدم لأجل ذلك لا غير.
وثانيها : أنّ كلمة « إن » أداة الشرط باتّفاق النحاة ، ويعنون بذلك أنّ ما يقترن بها شرط لما بعده والأصل في الاستعمال الحقيقة ، والشرط ما ينتفي بانتفائه المشروط لاتّفاق الفقهاء على ذلك.
ويزيّفه : الخلط المذكور أيضا ، بل نقول : إنّ النحاة وإن اتّفقوا على كون كلمة « إن » أداة الشرط ولكنّهم فسّروا الشرط أيضا بسببيّة الأوّل للثاني أو للحكم به ، وجعلوا كلم المجازاة للشرطيّة وفسّروها بالسببيّة والمسبّبيّة بين الجملتين ، وسمّوا الجملة الثانية جزاء في مقابلة الشرط ، وليس إلاّ لأجل كونه بحيث يترتّب على الشرط في الوجود ، واتّفاق الفقهاء على المعنى المذكور ليس في الشرط بهذا المعنى بل في الشرط الاصولي ، ففساد وضع الدليل إنّما هو في هذه المقدمّة.
وثالثها : إنّ قول القائل : « أعط زيدا درهما إن أكرمك » ، يجري في العرف مجرى قولنا : « الشرط في إعطائه إكرامك » والمتبادر من هذا انتفاء الإعطاء عند انتفاء الإكرام قطعا بحيث لا يكاد ينكر عند مراجعة الوجدان ، فيكون الأوّل أيضا هكذا.
وتقدّم في شرح عبارة المصنّف ما يوضح ضعف هذا الاستدلال وحاصله : أنّه لنا لا علينا ، لأنّ الشرط في العبارة المفسّرة كالشرط في قولنا : « الشرط في حركة المفتاح حركة اليد » و « الشرط في العلم بالنتيجة النظر في المقدّمتين » و « الشرط في الكون على السطح الترقّي من درجات السلّم وما أشبه » فإنّ الشرط في هذه التراكيب يراد به المعنى العرفي العامّ وهو ما يتوقّف عليه وجود الشيء مطلقا بل خصوص السبب لا الشرط الاصولي.
ورابعها : ما روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله في قوله تعالى : ( اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ )(١) إنّه قال : « لأزيدنّ على السبعين » فإنّه يدلّ على أنّه صلىاللهعليهوآله فهم أنّ عدم الشرط وهو الاقتصار على السبعين يقتضي عدم المشروط وهو عدم الغفران.
وفيه : منع أنّه صلىاللهعليهوآله فهم ذلك ، فإنّ الشرطيّة في الآية ليست للتعليق بل لنفي تأثير
__________________
(١) التوبة : ٨٠.