الإلزام والالتزام. وفي العرف حقيقة في الانتفاء عند الانتفاء.
ثمّ إنّ « الشرط » في لسان أهل الصناعات يطلق على معان اخر فعند الاصوليّين على ما عرفت : « ما يلزم من عدمه العدم ، ولا يلزم من وجوده الوجود ».
وعند النحويّين على ما يلي : إحدى أدوات الشرط وإن لم يقصد بها التعليق كـ « إن » و « لو » الوصليّتين.
وفي كلام غير واحد : أنّه قد يطلق على العلّة وقد يعبّر عنها بالسبب.
وفي كلام جماعة : أنّه قد يطلق على الجملة الشرطيّة ، وهي المصدّرة بإحدى أدوات الشرط.
ولا ينبغي التأمّل في تحقّق الاصطلاح بالقياس إلى الأوّلين وتحقّقه بالقياس إلى الثالث محلّ شكّ ، لجواز كون الإطلاق عليه باعتبار المعنى العرفي العامّ.
والظاهر تحقّقه في المعنى الثالث (١) عند الاصوليّين في هذه المسألة ، كما في قولهم : « مفهوم الشرط حجّة ، أو ليس بحجّة ».
ولذا قد يقال : إنّ موضع النزاع في الحجّيّة وعدمها هو هذا المعنى لا المعنى العرفي العامّ ولا مصطلح الاصولي ولا النحوي ، وهو كما ترى معارض بقولهم الآخر : « تقييد الحكم بالشرط أو تعليقه على الشرط يقتضي الانتفاء عند الانتفاء أو لا يقتضي » إذ لا يعقل كون الجملة الشرطيّة قيدا لحكمها ولا معلّقا عليها ذلك الحكم ، ولو صحّحنا إرادة الجملة في العبارة الاولى بتكلّف تأويل « الباء » سببيّة ليكون المعنى : تقييد الحكم بسبب الجملة الشرطيّة ، لما صحّ ذلك في العبارة الثانية لعدم صحّة السببيّة في كلمة الاستعلاء.
هذا ، ولكنّ التحقيق أنّ مصطلح النحوي مع هذا المعنى الاصولي متلازمان ، إذ الجملة الشرطيّة لا يراد إلاّ ما اشتمل على جزء يسمّيه النحاة شرطا ، والّذي يسمّونه شرطا لا يكون إلاّ جزء ممّا يعبّر عنه الاصوليّون بالشرط ، فلا يوجب إرادة شيء من المعنيين إخلالا بمحلّ النزاع ، وأيّ منهما دخل في الإرادة فهو محلّ للنزاع.
نعم يختلف ذلك على حسب اختلاف العبارات الصادرة منهم في عنوان المسألة وتقرير النزاع حسبما تقدّم ، فإن قالوا : « مفهوم الشرط حجّة » لا مناص من حمله على
__________________
(١) كذا في الأصل ، والصواب : « الرابع » بدل « الثالث » والمراد به هو ما في كلام الجماعة من أنّه يطلق على الجملة الشرطيّة.