الحمل فكأنّه قيل : الحمل أقلّه ستّة أشهر ، مع أنّ مدلول الأقلّ إن اريد به مصداقه وهو ستّة أشهر فهو مذكور في احدى الآيتين لكونه مرادا من الحمل ، بتقريب أنّ كون الموضوع مذكورا أعمّ من كونه مذكورا بلفظه أو بمعناه.
ومنها : أنّ كلاّ منهما منقوض بمثل قول القائل : « أكرم خدّام العالم » حيث يدلّ على وجوب إكرامه بطريق الأولويّة ، فإنّه يعدّ من مفهوم الموافقة على ما يقتضيه طريقتهم ، مع أنّ ما ثبت له الحكم وهو « العالم » مذكور.
ودفعه الفاضل : بأنّ ما ثبت له الحكم ـ أعني الوجوب ـ إنّما هو : « إكرام العالم » وما ذكر في المنطوق إنّما هو : « اكرام خدّام العالم » وهما متغايران.
والأولى أن يقال : إنّ الموضوع بمعنى ما له تعلّق بالحكم المنطوقي هو الخدّام المضاف بوصف الإضافة ، والعالم مذكور معه لمجرد التعريف لا لأنّ له تعلّقا به ، بل له تعلّق بالحكم المفهومي ، وهو بهذا التعلّق غير مذكور في الكلام ، فتدبّر.
وبمثل هذا أو سابقه يندفع النقض في الحصر بأنّما في صورة قصر الصفة على الموصوف بمثل : « إنّما غير زيد أكرمت ».
ومنها : أنّ حدّ المفهوم منقوض بدلالة الأمر بالشيء على وجوب مقدّمته ، وبدلالته على حرمة الضدّ وفساده.
ودفع : بأنّهما من أحكام الصلاة ومحمولاتها وهي مذكورة ، فكأنّه قيل : الصلاة يجب مقدّمتها ويحرم ضدّها ، ونحوها إزالة النجاسة عن المسجد ، فالمقدّمة والضدّ مأخوذان في جانب المحمول جزءان من الحكم لا أنّهما موضوعان.
ويؤيّده كون الوجوب والحرمة المضافين إليهما غيريّين ، لعروضهما لهما لمصلحة في غيرهما وهو الصلاة والإزالة مثلا ، فيتأكّد بذلك كونهما من أحكام [ الصلاة ] والإزالة.
وفيه : أنّه تكلّف بعيد ، والأولى في دفع الإشكال الالتزام بخروجهما عن المعرّف رأسا ، فإنّه ليس بذلك البعيد لأنّهما من الأحكام العقليّة التبعيّة ، لأنّ العقل يحكم بهما بملاحظة خطاب الشرع ، ولذا ذكرنا في بحثي المقدّمة والضدّ أنّ النزاع في المسألتين في الوجوب والنهي التبعيّين ، وأنّ المسألة الباحثة عنهما عقليّة باحثة عن حكم العقل بالملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدّمته أو حرمة ضدّه.
ومن ثمّ أدرجناهما في المبادئ الأحكاميّة ، كما يرشد إليه أيضا طريقة من أدرجهما