المكلّف من الخصوصيّات الّتي يدور الواجب بينها واحد منها دائما غير معيّن موكول تعيينه في الامتثال إلى اختيار المكلّف.
فيكون مرجع الاستدلالين إلى معنى واحد وإن كان تعبيرهم بـ « الأحد » يوهم إرادة وقوع الطلب بالمفهوم المنتزع مع قطع النظر عن ملاحظة الخصوصيّة ، وإنّما عبّروا بذلك ردّا على بعض المعتزلة في توهّم تعلّق الوجوب بالجميع مع سقوطه بفعل البعض وبعض آخر في دعوى تعلّقه بواحد معيّن عند الله على كلّ من المذهبين الآتيين.
فقضيّة ما ذكر تعيّن المعنى الثالث في كونه مرادا من كلمة « أو » وهذا هو المتبادر منها ، كما أنّ المتبادر من التصريح بذكر الخصال تعلّق الوجوب المستفاد من الهيئة بكلّ منها بالخصوص لا بالمفهوم المنتزع عنها وإلاّ لخرج في الكلام بلا معبّر وهو كما ترى ، ولا يمكن كونه مرادا من كلمة « أو » لعدم كونه من المعاني الحرفيّة مع عدم تحقّق اندراجه فيما هو الضابط في الحروف من عموم الوضع وخصوص الموضوع له.
ومحصّل مفاد التخيير يرجع إلى جعل الاختيار في أداء ما يحصل به الامتثال مع المكلّف وإنشاء الاكتفاء بالبعض لا على جهة التعيين ، ويلزمه إلغاء التعيين عن الخصوصيّات المتخيّرة للطلب ، فلا ينبغي أن يكون مفاد الآية إيجاب الجميع لمنافاته التعبير بـ « أو » ولا إيجاب البعض المعيّن لمنافاته التخيير الملازم لإلغاء جهة التعيين ، بل مفادها إنشاء مطلوبيّة كلّ بعض وممنوعيّة تركه حال عدم حصول الآخر وتركه ، وهذا التقييد من لوازم التخيير الملازم لإنشاء الاكتفاء بالبعض مع إلغاء جهة التعيين.
ولمّا كان القيد في كلّ مناقضا لقيد الآخر وقضيّة ذلك مناقضة المقيّدات فمتعلّق الطلب الإيجابي المستفاد من الهيئة واحد دائما وملحوظ بالخصوص ، وتعيينه في الامتثال موكول إلى اختيار المكلّف فبأيّها أتى فقد أتى بنفس الواجب لا ببدله ولا ما يسقط عنه ، إذ ليس الواجب معناه إلاّ ما كان مطلوبا فعله ومبغوضا تركه ، ولا ريب أنّ كلّ واحد من الخصال الثلاث حال عدم حصول الآخرين مطلوب فعله ومبغوض تركه أخذا بموجب الآية.
فالقول بأنّ الواجب في المخيّر مفهوم « أحد هما » كما نسب إلى جماعة من الخاصّة والعامّة إن اريد به المفهوم المنتزع ليس على ما ينبغي ، لمخالفته صريح الوجدان وظاهر الخطاب.
وقد يوجّه ذلك كما في كلام بعض الأفاضل « بإرادة الوجوب التبعي بالنسبة إلى المفهوم التابع للوجوب المتعلّق بالخصوصيّات على سبيل التخيير ، فيقال : إنّ كلاّ من الوجوب