فإيجادها ثانيا كذلك ممّا لا يتأتّى إلاّ مع إعادة الحاصل.
ولا ريب أنّه عين تحصيل الحاصل المحكوم عليه بالاستحالة ، كما صرّح به هو رحمهالله فيما سبق في كلامه عند بيان الملازمة في تقرير الاستدلال بقوله : « فتحصيل الامتثال الثاني لا يتمّ إلاّ بإعادة الامتثال الأوّل وهو تحصيل للحاصل ».
وعن القول بعدم الإجزاء الاحتجاج بوجوه :
منها : ما قرّره في شرح المنهاج عن أبي هاشم من مقايسة الأمر على النهي ، فكما أنّه لا يوجب فساد المنهيّ عنه بدليل صحّة البيع عند نداء الجمعة وإن كان منهيّا عنه فكذلك الأمر في عدم اقتضائه للإجزاء.
وفيه : مع أنّه قياس أنّ الفرق واضح بين المقامين ، من حيث انّ مناط الحكم فيهما بعد انتفاء الدلالة اللفظيّة نفيا واثباتا إنّما هو العقل ، فكما أنّ عدم الفساد في نهي المعاملات يستند إلى حكم العقل بعدم منافاة مبغوضية شيء لترتّب الأثر الشرعي عليه ، إذا كان بنفسه مقتضيا لذلك الأثر الّذي لا ينوط وجوده على المحبوبيّة ، فكذلك الإجزاء في الأمر بها وبالعبادات فإنّه حكم يستقلّ به العقل إذا كان المأتيّ به بنفسه هو المأمور به.
واجيب أيضا ـ على ما في شرح المنهاج ـ : بمنع هذا القياس ، تعليلا بعدم العلّة الجامعة بين الأمر والنهي.
فإن قيل : بأنّ العلّة الجامعة كونهما حكمين شرعيّين.
فجوابه : الفرق بينهما ، فإنّ النهي عن الشيء قد يكون سببا لتحقّق أمر آخر كالنهي عن البيع وقت النداء في كونه سببا لتحقّق الجمعة ، بخلاف الأمر فإنّه اقتضاء فعل فإذا حصل أداء ذلك الفعل انقطع ذلك الاقتضاء.
ومنها : ما حكاه السيّد في مفاتيحه من أنّ الأمر لا يفيد إلاّ كونه مأمورا به وأمّا دلالته على سقوط التكليف فلا.
وفيه : عدم دلالة الأمر مسلّم ، ومع دلالة العقل عليه يثبت المطلوب ولا حاجة إلى دلالة اخرى.
وإلى ذلك ينظر ما عن نهاية العلاّمة من الجواب : بأنّ الإتيان بتمام ما اقتضاه الأمر يقتضي أن لا يبقى الأمر مقتضيا لشيء آخر ، وهو المراد بالإجزاء.
ومنها : ما حكاه السيّد أيضا من أنّه لو وجب الإجزاء لاكتفي باتمام الحجّ الفاسد