والحقّ تساوي جميع أجزاء الوقت في الوجوب ، بمعنى أنّ للمكلّف الاتيان به في أوّل الوقت ، ووسطه ، وآخره ، وفي أي جزء اتّفق إيقاعه كان واجبا بالأصالة ، من غير فرق بين بقائه على صفة التكليف ، وعدمه. ففي الحقيقة يكون راجعا إلى الواجب المخيّر*
________________________________
لئلاّ يفضي إلى تحصيل الحاصل ، فكيف يقال بتعيّن الوجوب فيه ، ولعلّ الإعراض عن ذلك بجميع تقاديره أولى وأهمّ.
* وكأنّه أراد به رجوعه إليه من حيث الحكم والثمرة لا من حيث الإسم والماهيّة ، ضرورة أنّ اختيار الأداء والامتثال في كلّ منهما موكول إلى المكلّف ، وإن كان ذلك في أحدهما بحكم العقل فيما بين أفراد ما تعلّق به الوجوب وفي الآخر بنصّ الشرع فيما بين أمور كلّية تعلّق بكلّ منها الوجوب على قيد الخصوصيّة مع إلغاء جهة التعيين ، غير أنّه تأبى عن ذلك عبارته الآتية في ذيل المسألة القاضية بانحصار الفرق بينهما فيما ذكره ثمّة.
وقد سبقه إلى نظير هذه العبارة بيان المختصر حيث قال : « الواجب الموسّع راجع عند التحقيق إلى الواجب المخيّر ، إذ الصلاة المؤدّاة في كلّ جزء من أجزاء الوقت غير المؤدّاة في غيره بحسب الشخص ، والواجب هو أحد الأشخاص المتمايزة بالأوقات من حيث هو أحدها لا بعينه كخصال الكفّارة ». وقريب منهما ما في شرح المنهاج من قوله : « الواجب الموسّع مثل الواجب المخيّر في التخيير ، فإنّ المكلّف مخيّر بين أفراد الفعل في المخيّر ومخيّر بين أجزاء الوقت في الموسّع »
فإن أرادوا به مجرّد التشبيه وبيان كون الموسّع جاريا مجرى المخيّر في الحكم فلا كلام معهم بل هو كذلك كما عرفت ، وإن أرادوا ما زاد على ذلك فهو متّضح المنع بل واضح الفساد ، لوضوح الفرق بين المخيّر وغيره فإنّ تخييره شرعيّ وفي غيره عقليّ.
وملاك الفرق بينهما : أنّ الخصوصيّات ملحوظة في الأوّل على جهة التفصيل ووصف الوجوب حاصل فيها بقيد الخصوصيّة على نحو البدليّة المتولّدة عن إلغاء جهة التعيين عن كلّ منها بالنظر إلى مقام الامتثال الراجع في الحقيقة إلى بيان أنّ كلاّ مطلوب فعله وممنوع تركه حال اختيار ترك صاحبه ، وليس بمطلوب فعله ولا ممنوع تركه حال اختيار فعل صاحبه ، بل لا يساعد الوجدان عند إنشاء التخيير إلاّ إلى هذا المعنى ، ولا ينساق غيره من