قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تعليقة على معالم الاصول [ ج ٤ ]

تعليقة على معالم الاصول [ ج ٤ ]

106/864
*

بعدم تحقّق سببه الموجب لارتفاع الاحتمال.

وبعبارة اخرى : دفع احتمال الضرر إنّما يتوقّف على أحد الامور الثلاث من العلم الشرعي بعدم تعلّق التكليف ، وهو الأصل الّذي لا مجرى له إلاّ بعد إحراز موضوعه ، أو العلم الوجداني بعدمه ، أو العلم الوجداني بثبوته ، وأيّ منها كان فهو في محلّ الشكّ الابتدائي موقوف على الفحص فيكون واجبا من باب المقدّمة.

ورابعها : أنّ الفرار عن احتمال وجوب المشروط عند الشكّ في تحقّق الشرط ممّا لا يتأتّى إلاّ مع التشبّث بالأصل ، ولا يجوز العمل به إلاّ في موضوعه ومجراه على حسبما اقتضاه دليله.

ولا ريب أنّ موضوعه حسبما يقتضيه ذلك الدليل هو الشكّ المصادف لتعذّر العلم ، ومجراه حالة اليأس عن الطرق العلميّة.

وذلك لأنّا لو استفدناه عن حكم العقل بقبح التكليف بلا بيان والعقاب بلا إقامة البرهان كان استفادة هذا المعنى في غاية الوضوح ، فإنّ عدم البيان في موضوع حكم العقل ليس هو مجرّد عدم وجدان المكلّف للبيان ، بل هو عبارة عن عدم وصول البيان إليه في نفس الأمر ، وهو أخصّ من عدم وجدانه.

ولو استفدناه عن حكم الشرع بنفي التكليف أو لوازمه عمّن لا يعلم به بواسطة الآيات والروايات الواردة في هذا الباب ، مثل قوله عزّ من قائل ( لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ )(١) و ( لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ ما آتاها )(٢) وقوله عليه‌السلام : « ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم » (٣) و « كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه أمر أو نهي » (٤) و « الناس في سعة ما لم يعلموا » (٥) أو « رفع عن امّتي تسعة منها ما لا يعلمون » (٦) ونحو ذلك ممّا هو مقرّر في محلّه فكذلك أيضا ، فإنّك إذا تأمّلت في تلك النصوص بعين الدقّة لوجدتها بأسرها قاضية بكون العبرة في مفادها بحالة العذر واليأس عن العلم ، ضرورة ظهور « البيّنة » الّتي علّق عليها الهلاك فيما يكون كذلك بحسب الواقع ونفس الأمر ، فيكون العبرة في عدمها الملازم لانتفاء الهلاك بعدم وصولها إلى المكلّف بحسب الواقع أيضا لا بمجرّد عدم وجدانه إيّاها في بادئ الأمر.

وظهور « الإتيان » في وصول الخطاب إليه بحسب الواقع ، فيكون المراد بعدمه المأخوذ

__________________

(١) الأنفال : ٤٢.

(٢) الطلاق : ٧.

(٣) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٦٣.

(٤) وسائل الشيعة ٦ : ٢٨٩.

(٥) مستدرك الوسائل ١٨ : ٢٠.

(٦) وسائل الشيعة ١٥ : ٣٦٩.