له مع فرعون وقومه فقال له الشيخ : لا تخف .. انك عندنا في مكان حصين أمين ، لا سلطان عليك فيه لفرعون ولا لغيره من الظالمين.
واختلف المفسرون في هذا الشيخ من هو؟ فأكثرهم على أنه شعيب ، وقال فريق منهم : انه غيره .. ولا مستند لهؤلاء وأولئك إلا مرجحات لا تغني عن الحق شيئا .. ولسنا نهتم بمثل هذه الاختلافات ، ما دامت لا تمت الى العقيدة والحياة بسبب .. وقد اخترنا اسم شعيب لهذه الشخصية لمجرد التعبير عنها ، ولأن هذا الاسم هو الشائع بين الأكثرية كما شاع بين طلاب النجف وعلمائها : ليس النزاع في التسمية من دأب المحصلين.
(قالت إحداهما) وهي التي استدعته الى أبيها كما يشعر وصفها له بالقوي الأمين (يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ). وما شهدت إلا بما رأت من قوته وهو يسقي لها ولأختها ، ومن عفته حين توجهت اليه بالدعوة إلى أبيها (قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّالِحِينَ). موسى الشريد الطريد والفقير الذي لا يملك شيئا ، والذي عاش أياما على نبات الأرض حتى سأل الله لقمة يقيم بها الأود ، هذا الجائع اللاجئ يعرض عليه شيخ جليل احدى ابنتيه ، ويدع له الخيار في أيتهما يريد .. اذن ، لا بد أن يكون هناك سر .. أجل ، هناك سر ، وهو يكمن في شخصية موسى وعظمته التي لمسها الشيخ في صنعه مع ابنتيه ، وفي حديثه وسيرته مع فرعون وقومه التي قصها عليه ، فأدرك الشيخ بفطرته النقية الصافية ان هذه الشخصية سيكون لها ابعد الآثار لأن الأعمال التي تصدر عن الإنسان تكون في الغالب من نوع واحد .. فالشيخ ـ اذن ـ هو الفائز الرابح بهذه المصاهرة ، وأي ربح أعظم من مصاهرة الأنبياء والأتقياء؟.
وتكلم الفقهاء كثيرا حول هذه الآية ، واستدلوا بها على ان لولي المرأة أن يعرض