قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

التّفسير الكاشف [ ج ٦ ]

التّفسير الكاشف [ ج ٦ ]

151/574
*

العقل وفكرة البعث :

(فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ). المراد برحمة الله هنا المطر ، وبآثاره إحياء الأرض بعد موتها ، وهذا الإحياء ثابت بالعيان ، وهو دليل قاطع ومحسوس على ان فكرة البعث والإحياء بعد الموت من حيث هي صحيحة لا تقبل الشك ، لأن العاقل إذا تنبه وتدبر إحياء الأرض بعد موتها لا بد أن يسلم ويؤمن بفكرة البعث كفكرة ، وإلا كان من الذين يجمعون بين الايمان بوجود الشيء والايمان بعدمه في آن واحد .. وبداهة ان هذا الجمع ممتنع بذاته وطبعه .. وهنا يكمن السر في تكرار الآيات التي تنبه العقول إلى إحياء الأرض بعد موتها كدليل على إمكان البعث ، ومن هذه الآية قوله تعالى : (فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ النُّشُورُ) ـ ٩ فاطر ، وقوله : (وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى) ـ ٣٩ فصلت. وغيرها كثير.

(وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ). الهاء في رأوه تعود إلى الزرع المفهوم من سياق الكلام ، ومصفرا صفة له ، لا للريح ، والمعنى إذا أرسل الله ريحا يصفر منها زرعهم بعد خضرته يئسوا من رحمة الله ، واعترضوا على حكمته ، وكفروا به وبنعمته ، وان دل هذا على شيء فإنما يدل على ان إيمانهم بالله وهم وخيال ، ولو كان مستقرا في القلوب لثبتوا عليه في السراء والضراء. قال الإمام علي (ع) : «من الايمان ما يكون ثابتا مستقرا في القلوب ، ومنه ما يكون عواري بين القلوب والصدور إلى أجل معلوم» .. ان المؤمن يتألم ويحزن كإنسان إذا أصيب في نفسه أو ولده أو ماله ، ولكنه لا يخرج عن دينه. قال الرسول الأعظم (ص) عند وفاة ولده ابراهيم : تدمع العين ، ويحزن القلب ، ولا نقول ما يسخط الرب.

خلقكم من ضعف الأية ٥٢ ـ ٦٠ :

(فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (٥٢)