أي شيء يختار ، بالاضافة الى ان النهي عن الشيء لا يتوقف على إمكان وقوعه من المخاطب به ، أما الآن ، ونحن نفسر هذه الآية ، فقد استوحينا منها معنى آخر ، وهو ان كل ما جاء في هذا الباب من الآيات فهو إخبار بالغيب وتعريض بما عليه اليوم وقبل اليوم بعض أرباب العمائم والقلانس الذين يتظاهرون بالدين والصلاح ، وهم جنود وأعوان للكفرة الفجرة .. وخصصنا البعض منهم بالذات مع ان العملاء والخونة يكونون منهم ومن كل نوع وصنف لأن الآيات تخاطب من يدعو الى الله وشريعته.
(كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ). هذا تهديد ووعيد لكل خائن وعميل يتآمر على دينه ووطنه مع أعداء الله والانسانية ، وانه بحكم المشرك الذي قامت عليه الحجة ، ومع ذلك يجحد ويعاند إذ لا فرق أبدا عند الله بين من يدعو مع الله إلها آخر ، ومن يوالي الظلمة الطغاة ، ويدافع عنهم ويبرر أعمالهم ، ويدعو الى موالاتهم ومؤازرنهم.
وتسأل : هل معنى هذا ان العملاء والخونة يجب ان نعاملهم معاملة المشرك من النجاسة وعدم التوريث والتزويج والدفن في مقابر المسلمين؟
الجواب : علينا أن نعامل كل من قال : أشهد ان لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله ـ معاملة المسلم مهما كان عمله ، بل ومهما انطوى عليه قلبه .. ذلك ان لهذه الشهادة آثارها الموضوعية التي لا تنفك عنها بحال ، وهي الطهارة والتوريث والتزويج والدفن في مقابر المسلمين ، أما الآخرة فهي لله وحده ، ولا شأن فيها لأحد سواه ، وقد دل ظاهر العديد من الآيات ان الظالم يوم القيامة هو والمشرك سواء. أنظر ما قلناه عند تفسير الآية ٥٥ من سورة الفرقان ، فقرة «الظالم كافر».