بواحدة منها : (خَلَقَ الْإِنْسانَ عَلَّمَهُ الْبَيانَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ) ـ ٤ الرحمن.
(تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ). لكل شيء أجل معلوم ، وإذا جاء أجل الذين استقاموا على الطريقة الإلهية تنزلت عليهم ملائكة الرحمة بالسكينة والبشرى بأن الله قد اطّلع على عملهم ، ورضي سعيهم ، وأعد لهم مقاعد الكرامات التي وعدهم بها على لسان أنبيائه ورسله (نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ). ما زال الكلام لملائكة الرحمة مع الذين استقاموا.
وما تدعون أي ما تتمنون ، والنزل العطاء ، ويتلخص المعنى بأن أهل الطاعة والاستقامة هم عند رب رحيم ، ولهم ما يشاءون من الرزق الكريم. وقال ابن عربي في الفتوحات المكية حول هذه الآية كلاما نلخصه بأن الملائكة تقول للمخلصين قبل أن ينتقلوا من دار الفناء الى دار البقاء ، تقول لهم : نحن أولياؤكم في الدنيا لأن الشيطان كان يغريكم بالعدول عن صراط الله المستقيم ، ونحن ننهاكم عنه وكنتم تسمعون لنا من دونه .. وأيضا نحن أولياؤكم في الآخرة لأننا نشهد لكم عند الله بالايمان والاستقامة.
(وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ). إذا عطفنا هذه الآية على قوله تعالى : (قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا) وجمعناهما في كلام واحد ـ ينتج معنا ان الايمان الحق على ثلاث شعب : الأولى إعلان الايمان بالله. الثانية العمل بشريعة الله ، وأهمه وأعظمه الأسهام في خدمة الإنسان. الثالثة الدعوة الى الله. ويدل على الأولى (قالُوا رَبُّنَا اللهُ) أي أعلنوا ذلك على الملأ ، ويدل على الثانية «ثم استقاموا» وعلى الثالثة (دَعا إِلَى اللهِ). ومن جمع بين هذه الصفات الثلاث فله ان يدعي الإسلام ، ويقول : «انني من المسلمين» ومن قالها دون أن يؤمن بالله أو آمن ولم يسهم في خدمة الإنسان ولم يدع الى الله فما هو من الإسلام ولا المسلمين في شيء وان عومل معاملتهم في الدنيا.
(وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ). الخطاب في ادفع وفي بينك لمحمد (ص). ويدل السياق