المعنى :
(قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ). لا وقت ولا مكان قبل خلق الكون ، لا شيء على الإطلاق إلا الواحد القهار ، وعليه يكون المراد باليومين الدفعتان أو الطوران ـ كما قيل ـ وتقدم الكلام عن ذلك عند تفسير الآية ٥٣ من سورة الأعراف ج ٣ ص ٣٣٨ .. وبالمناسبة نذكر ما قاله بعض الأدباء حول بعض الآيات : «ان أسلوب القرآن يختلف عن كل الأساليب ، فهو حين يشير إلى مسألة علمية لا يعرضها كما يعرضها علماء الطبيعة بالمعادلات والتفاصيل ، بل يقدمها بالاشارة والرمز واللمحة الخاطفة بكلمة قد يفوت فهمها على معاصريها ، ولكنه يعلم ان التاريخ والمستقبل سوف يشرح هذه الكلمة ويثبتها تفصيلا». وقد جاءت هذه الحقيقة على لسان ابن عباس منذ حوالى ١٤ قرنا حيث قال : لا تفسروا القرآن الزمان يفسره. أي لا تتعمقوا في تفسير الآيات الكونية فإن تقدم العلم كفيل بالكشف عن أسرارها.
(وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها) أي جبالا فوق الأرض ونحوه الآية ١٥ من سورة النحل : (وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ). (وَبارَكَ فِيها وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ). بارك سبحانه بما حوته من نبات ومعادن وبترول وغيره ، والمراد بقدر أقواتها ان ما في الأرض من خيرات هي على قدر ما فيها من الأحياء الذين يحتاجون الى القوت مهما بلغ عددهم.
وقال جماعة من المفسرين : ان اليومين الأولين هما من جملة الأيام الأربعة أي ان خلق الأرض وتقدير الأقوات فيها ، كل ذلك تم في أربعة أيام من أيام الله ، والمراد بالسائلين هنا كل من يحتاج الى القوت ، وسواء تومئ الى أن الله ما جعل خير الأرض لجنس دون جنس أو فئة دون فئة ، بل الخلائق بكاملها سواء في رزقه وفضله ، وإذا وجد جائع فإنما هو من ظلم القوي للضعيف. انظر تفسير الآية ٥٦ من سورة الأعراف ج ٣ ص ٣٤٠ فقرة الله أصلح الأرض والإنسان أفسدها.