الإعراب :
جرم اسم لا مبني معها على الفتح ، والمعنى لا محالة ، والمصدر من ان ما تدعونني مجرور بحرف جر محذوف متعلق بمحذوف وهو خبر لا. وهم أصحاب النار «هم» ضمير فصل. والنار بدل من سوء العذاب. وأدخلوا ان كان أمرا للملائكة فآل فرعون مفعول ادخلوا ، وان كان أمرا لآل فرعون فآل فرعون منادى ، وفي الحالين أشد العذاب منصوب بنزع الخافض أي في أشد العذاب مثل دخلت الدار أي في الدار.
المعنى :
(وَيا قَوْمِ ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللهِ وَأُشْرِكَ بِهِ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ). هذا الكلام وما بعده الى آخر (إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) يحكيه سبحانه عن المؤمن الناصح ، والمعنى أخبروني أيها المشركون عن حالي معكم : أنا أدعوكم الى الخير الذي فيه خلاصكم من العذاب والهلاك ، وهو الايمان بالله العزيز الذي ليس كمثله شيء ، والغفار لمن تاب اليه وأناب ، وأنتم تدعونني الى عذاب الحريق ، الى الشرك الذي لا يغفره الله ، ولا يقره العقل ، ولا يدين به إلا من ضل عن سواء السبيل.
(لا جَرَمَ أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا وَلا فِي الْآخِرَةِ). ليس من شك ان الذي تدعونني الى عبادته كفرعون أو غيره لا شأن له ولا فائدة منه في الدنيا ولا في الآخرة : (إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ) ـ ١٤ فاطر .. (وَأَنَّ مَرَدَّنا إِلَى اللهِ). كل الخلائق ترجع غدا الى الله تعالى ، لا الى فرعون ولا الى سواه ، ويقفون بين يديه تعالى للحساب والجزاء (وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحابُ النَّارِ). نقل الطبري والرازي عن مجاهد ان المراد بالمسرفين هنا سفاكو الدماء بغير حقها.
(فَسَتَذْكُرُونَ ما أَقُولُ لَكُمْ) من الصدق والنصح حين ترون العذاب وتنزل بكم الأهوال (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ). قال محيي الدين بن عربي