وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ). المجرمون إلى جهنم ، وملائكة العذاب يسوقونهم اليها عنفا ، ويسومونهم خسفا ، والمتقون إلى الجنة يحف بهم ملائكة الرحمة تعظيما ، ويحيونهم تكريما (وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ). ضمير قالوا يعود إلى المؤمنين ، والمراد بالأرض هنا أرض الجنة ، وانهم يتصرفون فيها تصرّف الوارث فيما ورثه .. وكانوا قد عملوا للجنة في الدنيا ثقة وايمانا بما وعد الله به المتقين والصابرين ، فلما رأوها فرحوا وحمدوا الله حمد العارفين بأن وعده حق وصدق. وفي نهج البلاغة : حفت الملائكة بأهل الجنة ، وتنزلت عليهم السكينة ، وفتحت لهم أبواب السماء ، وأعدت مقامات الكرامات في مقام اطلع الله عليهم فيه فرضي سعيهم وحمد مقامهم.
(وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ). عند تفسير الآية ٥٤ من سورة الأعراف ج ٣ ص ٣٣٩ بيّنا ان المراد من العرش ـ بشهادة القرآن ـ ان الأمر كله لله ، والمعنى المراد هنا ان الملائكة لا يصدرون إلا عن أمر الله ، كما جاء وصفهم في الآية ٢٦ من سورة الأنبياء : (بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ). (وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِ) ضمير بينهم يعود إلى أهل الجنة والنار ، وبالحق أي لا يزيد في عقاب من عصى ، ولا ينقص من ثواب من أطاع. وفي بعض التفاسير : ان الله قال في ابتداء الخلق : الحمد لله الذي خلق السموات والأرض ، وبعد فناء الخلق ثم بعثهم واستقرار أهل الجنة في الجنة ، قال : الحمد لله رب العالمين ، ليعلّم عباده الأخذ بأدبه في ابتداء كل أمر بالحمد والختم به.