انك ساحر كذاب وما الى ذلك من الافتراءات ، فان عاقبة أمرهم الخسران والاستسلام. وقد صبر النبي (ص) على أذى المشركين ١٣ سنة في مكة ، وعلى مكر المنافقين بضع سنوات في المدينة ، صبر هذا الأمد الطويل ، وهو واثق بالمستقبل ، وان أدبر الحاضر .. ولم تمض الأيام حتى نصر الله محمدا ، وأظهر الإسلام على الدين كله ولو كره المشركون.
(وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ) هذا الاسم عبري ، ومعناه محبوب ، وداود هو ثاني ملوك بني إسرائيل ، والأول اسمه طالوت : (إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً) ـ ٢٤٧ البقرة ج ١ ص ٣٧٧. والتوراة تعبر عن طالوت هذا بشاول ، فقد جاء في «قاموس الكتاب المقدس» : ان شاول أول ملوك إسرائيل ، وان داود حارب في جيشه.
وقال الرازي : ان الله وصف داود بأوصاف كثيرة .. ثم شرحها في أربع صفحات بالقطع الكبير ، نلخصها بالأسطر التالية :
١ ـ قال الله لمحمد (ص) : (اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ). وهذا إكرام لداود.
٢ ـ (ذا الأيد) أي ذا القوة على طاعة الله.
٣ ـ (انه أوّاب) أي يرجع في أموره كلها الى الله.
٤ ـ (إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ). ومثله قوله تعالى في الآية ١٠ من سورة سبأ : (يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ) والآية ٧٩ من سورة الأنبياء : (وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ) انظر ج ٥ ص ٢٩٢.
٥ ـ (وشددنا ملكه) أي قويناه.
٦ ـ (وآتيناه الحكمة) وهي وضع الأشياء في محلها ، وبتعبير الرازي «هي العلم والعمل به ، وانما سمي هذا بالحكمة لأن اشتقاق الحكمة من إحكام الأمور وتقويتها».
٧ ـ (وفصل الخطاب) قال الرازي : فصل الخطاب هو القدرة على ضبط