سبحانه نبيه الكريم أن يسأل أحدا عنهم بعد أن أخبره الله عن أحوالهم ، أما السؤال هنا فإنه موجه الى المشركين فقط ، والقصد منه توبيخهم وإلقاء الحجة عليهم.
(بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ). انك تعجب يا محمد من المشركين حيث جعلوا لله شركاء مع ان دلائل التوحيد بينة واضحة .. وهم أيضا يعجبون منك بل ويسخرون لأن دلائل الشرك هي البينة الواضحة في مفهومهم .. لا دلائل التوحيد. ويدل على ان هذا المعنى هو المراد ـ ما حكاه سبحانه عن المشركين في الآية ٥ من سورة ص : (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ). وإذا قال قائل مع المعري :
كل يعزز دينه |
|
يا ليت شعري ما الصحيح |
قلنا في جوابه : هناك مبادئ واضحة وحقائق لا يختلف عليها اثنان حيث يشترك في معرفتها الجاهل والعالم ، مثل العلم خير من الجهل ، والغنى خير من الفقر ، وما الى ذلك ، فإذا تنازع اثنان في مسألة نظرية ، فمن انتهى قوله الى المبادئ الواضحة فهو المحق والا فهو مبطل.
(وَإِذا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ وَإِذا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ). لأن من استسلم لأهوائه وتقاليد آبائه عمي عن الحق «ومن زاغ ساءت عنده الحسنة ، وحسنت عنده السيئة ، وسكر سكر الضلالة» كما قال الإمام علي (ع). (وَقالُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ). تكرر منهم هذا القول في العديد من الآيات ، منها الآية ٧ من سورة الأنعام ج ٣ ص ١٦٣ (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ). المعنى واضح وتكرر مرات. أنظر الآية ٥ من سورة الرعد و ٤٩ و ٩٨ من سورة الإسراء و ٨٢ من سورة المؤمنون و ٦٨ من سورة النمل.
(قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ داخِرُونَ فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ). قل يا محمد لمنكري البعث جوابا عن سؤالهم : أئنا لمبعوثون؟ قل لهم : أجل ، انكم تبعثون من قبوركم بكلمة واحدة من الله ، وتحشرون اليه أذلاء صاغرين ، وترون بالعين العذاب الذي كنتم به تكذبون.
(وقالوا يا ويلنا هذا يوم الدين ـ أي الجزاء ـ هذا يوم الفصل ـ أي بين الحق والباطل ـ