زواج النبي منها بيانا من الله للمؤمنين وللناس أجمعين لرفع الإثم عنهم إذا تزوجوا حلائل أدعيائهم الذين قضوا حاجتهم منهن (ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ). لقد أمر سبحانه نبيه الكريم أن يتزوج حليلة ابنه الدعي ليبطل بذلك عادة الجاهلية ، فاستجاب النبي لأمر الله ، وما على النبي ولا على غيره من غضاضة في زواج حليلة ابن التبني وان عابه الناس ما دام الله قد أحل ذلك.
(سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللهَ وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً). المراد بالذين خلوا وبالذين يبلغون رسالات الله ـ الأنبياء السابقون ، والمعنى ما من نبي من الأنبياء إلا وقد أرسله الله داعيا الى الحق وناهيا عن الباطل ، ومنه العادات والتقاليد التي ما أنزل الله بها من سلطان ، وقد بلغ الرسول رسالات ربه بأمانة واخلاص ، وما هادن ولا داهن ، ولم يخش إلا الله ، وتحمّل من أجل ذلك الكثير من العناء والبلاء ، ولك يا محمد فيمن مضى من إخوانك الأنبياء أسوة وعزاء. وعلى الله وحده حساب المكذبين والمعاندين.
(ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ) بالنسب والولادة كي تحرم مطلقة زيد ابن حارثة عليه .. وبالمناسبة : ولد لرسول الله (ص) أربعة ذكور ثلاثة من خديجة ، وهم القاسم والطيب والطاهر ، وقيل : ولدان لأن الطاهر هو الطيب. وواحد من مارية القبطية وهو ابراهيم ، وماتوا جميعا في سن الطفولة ، أما الحسن والحسين فهما ولدا ابنته فاطمة من علي (ع) ، ولكن الرسول قد اعتبرهما ولدين له حيث قال : ابناي هذان إمامان قاما أو قعدا ، وقال أيضا : كل بني بنت ينتسبون إلى أبيهم إلا أولاد فاطمة فإني أنا أبوهم. انظر ج ٣ ص ٢١٩.
(وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ) والرسول غير الأب ، وان كان أشد حرصا على المؤمنين وأكثر رحمة بهم من آبائهم وأمهاتهم (وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) فلا نبي بعد محمد (ص) ، ولا شريعة بعد شريعة الإسلام (وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) ومنه علمه تعالى حيث يجعل رسالته ، وحيث يختمها بمحمد (ص).