غير كفؤ ، وشاركته هي هذا الإباء ، فنزل قوله تعالى : «وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم». فخضعت زينب وأخوها لقضاء الله ورسوله ، وتم الزواج.
وبعد حين من الدهر فترت العلاقة بين الزوجين ، فذهب زيد الى رسول الله يريد طلاق زينب ، فنهاه وأمره بالصبر ، ولكن أمر الله كان مفعولا ، فتم الطلاق ، وبعد العدة تزوجها الرسول ، وتحطم نظام التبني وزالت آثاره .. ومن غير الرسول الأعظم يتحدى المجتمع في عاداته وتقاليده التي نشأ عليها وورثها أبا عن جد! .. اذن ، مسألة زواج النبي (ص) من زينب ليست مسألة شهوة وغرام وانما هي مسألة أمر الله وقضائه وقدره بنص الآيات الواضحات التي حاول المفترون تحريفها وتأويلها على أهوائهم .. وهذا هو النص ينطق بصراحة : (وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً). (وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً). «وتخفي في نفسك ما الله مبديه». والمراد بالأمر المفعول والمقدور وبالذي يعلنه الله ويبديه شيء واحد ، وهو زواج النبي من زينب الذي أعلنه سبحانه وأبداه صراحة بقوله : «زوجناكها». ولو كان النبي قد أضمر شهوتها في نفسه كما يقول المفترون لأظهر الله ذلك وأبداه لقوله : «ما الله مبديه» ولا شيء في الآيات يشير من قريب أو بعيد الى الشهوة التي ابتدعها المتقولون .. هذا ، إلى ان زينب كانت في قبضة النبي (ص) وأطوع اليه من بنانه ، ولو كانت المسألة مسألة شهوة وغرام لما زوّجها من مولاه زيد ليقضي منها وطره ، ثم يتزوجها من بعده .. حاشا سيد الكونين من الشهوات والأهواء ، وتعالى عنها علوا كبيرا.
وبعد ، فإن هذه الآيات قد تواردت بأجمعها على موضوع واحد ، فهي متشابكة متماسكة ، ولا يمكن بحال تجزئتها والأخذ ببعضها دون بعض ، فإما أن تؤخذ جملة ، وإما أن تترك جملة ، ومن أخذ بقوله تعالى : (وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ) ككلام مستقل ، وتجاهل قوله : (وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً) وقوله : «ما الله مبديه» فهو من الذين زاغ بهم الباطل عن جادة الحق عنادا له ولأهله .. وقد وضح بهذا التمهيد معنى الآيات ، وعرف المقصود منها ، لذلك نمر بها مرا سريعا نشير فيه إلى تطبيق الآيات على مراحل القصة من الزواج الأول إلى الزواج الثاني.