عليه أن يؤيد كل من يقف موقفا يناصر فيه الحق والعدالة ، سواء أكان شرقيا أم غربيا ، ولا يجوز له بحال أن يؤيد أحدا ـ كائنا من كان ـ تأييدا مطلقا ومن غير قيد حتى ولو كان مبطلا ، لأن الجمع بين الايمان بالحق وتأييد الباطل وأهله جمع بين المتناقضين ، وهو محال بطبعه ، وعليه فلا يمكن الجمع بين الالتزام بعقيدة الإسلام وبين الالتزام بأية سياسة أو أي مبدأ التزاما مطلقا وعلى كل حال.
هذا فيما يعود إلى الإسلام ، أما فيما يعود إلى العقيدة المسيحية فندع الكلام للقساوسة الأحرار الذين عبروا عن غضبهم لرفض البابا الاجتماع بهم واجتماعه في الوقت نفسه برواد الفضاء الأمريكيين ، فقد قالوا في احتجاجهم : ان اجتماع البابا بهؤلاء الرواد هو دليل واضح على الصلة الوثيقة الموجودة بين الكنيسة كمؤسسة دينية ، وبين السلطة السياسية والاقتصادية التي تقوم بعمليات الاضطهاد والظلم ضد الأغلبية من البشر ، وهي الصلة التي أعلن هؤلاء القساوسة انهم يكافحون من أجل القضاء عليها» (١).
(وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللَّائِي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ). كان الرجل في الجاهلية يطلّق امرأته بقوله : أنت عليّ كظهر أمي. فنهى الإسلام عن ذلك لأن الزوجة لا تصير أما بهذا القول ، وأوجب الكفارة على قائله إذا توافرت الشروط التي يأتي بيانها في سورة المجادلة.
(وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ). كان الرجل في الجاهلية يتبنى المولود من غيره ، ويلحقه بنسبه ، ويجري عليه أحكام الابن الحقيقي في كل شيء ، وكان الناس يدعون هذا المولود باسم الذي تبناه دون اسم أبيه ، فحرم الله التبني بهذه الآية (ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ) والقول لا يغير الواقع (وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ). والقول الحق والسبيل القويم ان المتبنى لا يصير ابنا بالتبني ، ولا الزوجة أما بالمظاهرة (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ) الذين ولدوهم لا للذين تبنوهم (هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ). ضمير «هو» يعود الى المصدر المتصيد من أدعوهم أي دعاؤكم إياهم لآبائهم أعدل عند الله.
(فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ). يطلق المولى على المنعم
__________________
(١). جريدة «الجمهورية» المصرية تاريخ ١٧ ـ ١٠ ـ ١٩٦٩.