يلتقي به في السماء ليلة المعراج .. والصواب ان الهاء تعود إلى القرآن وان النبي يتلقاه من الله لا من سواه ، قال تعالى : (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ) ـ ٦ النمل. وفي كتب اللغة : تلقى الشيء بمعنى لقيه ، واستقبله ، وعليه يكون معنى الآية لقد أنزلنا اليك القرآن يا محمد كما أنزلنا التوراة على موسى ، ولا ينبغي الشك في ذلك منك ولا من غيرك. أما نهي النبي عن الشك فقد تكلمنا عنه مرارا. انظر ج ٢ ص ٧٥.
(وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ). المراد بالأئمة هنا أنبياء بني إسرائيل كموسى وعيسى الذي ينتهي نسب أمه الى داود .. وكل نبي اسرائيلي كان يلاقي من قومه ألوانا من الأذى والعناء ، بل قتل الاسرائيليون العديد من أنبيائهم : (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ) ـ ٦١ البقرة. ومع هذا صبروا واستمروا في تأدية رسالتهم ، فاصبر أنت يا محمد على أذى قومك ، واستمر في دعوتك (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ). تقدم في الآية ١١٣ من سورة البقرة والآية ٩٣ من سورة يونس والآية ١٢٤ من سورة النحل.
(أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ). تقدم مثله في الآية ١٢٨ من سورة طه ج ٥ ص ٢٥٣ (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ ـ اليابسة ـ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ) كيف أحيا الله الأرض بعد موتها ، وأنبت فيها من كل زوج بهيج يأكل منه الناس والانعام؟ كذلك يحيي الله الموتى بعد أن تصبح ترابا وعظاما .. وتقدم هذا المعنى في العديد من الآيات. انظر تفسير الآية ٥ من سورة الحج ج ٥ ص ٣١١.
(وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ). هذا مثل : (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) ـ ٣٨ الأنبياء لأن المراد بالفتح هنا اليوم الذي يحكم فيه بالحق ، ويؤيد ذلك قوله تعالى : (قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا) وعاندوا الحق في الحياة الدنيا (ايمانهم) في الآخرة حين يرون العذاب لأن هذا فرار من حريق الجحيم ، وليس إيمانا من القلب وإيقانا من العقل (وَلا هُمْ