وانزال كتبه ، ويجهلون ان الإسلام هو دين الفطرة والحياة ، وان أساس دعوته الايمان والإخلاص ، وضوءها العلم والعدل ، وطريقها الجد والعمل ، وهدفها السعادة والهناء.
٤ ـ (يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ) لأنها تذكرك بالله وتنزهك عن الكبر (وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ). ومن أمر بالمعروف شد أزر المؤمنين ، وأرغم أنوف المنافقين (وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) والمراد بعزم الأمور قوة الارادة الخيرة ، والثبات على الحق .. والأمر بالصبر بعد الأمر بالمعروف يومئ الى ان من دعا دعوة الحق لاقى في ذات الله ما يلاقيه كل مجاهد مخلص من سرّ المبطلين والانتهازيين.
(وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ) لا تمل بوجهك عنهم تكبرا ، بل أقبل عليهم ، وتواضع لهم .. وفي نهج البلاغة : لا وحدة أوحش من العجب ، ولا حسب كالتواضع (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ) .. بعد أن نهى عن مشي المرح بيّن معناه بأنه المشي باختيال وفخر ، والاختيال هو الزهو ، والفخر هو المباهاة ، ولا شيء أدل على الجهل والنقص من هذه الصفات.
(وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ) لا تبطئ ، ولا تسرع ، واتخذ بين ذلك سبيلا (وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ). وأنكرها أوحشها وأقبحها ، وفيه إيماء الى ان رفع الصوت أكثر مما تدعو الحاجة اليه ـ يدل على البلادة ، ومثله الإخفات المخل ، ومن أخذ بالقصد والاعتدال فقد عرف السبيل ، وانما يحسن الكلام مع القصد في الصوت إذا كان في موضعه ، والا فالسكوت أجمل وأكمل ، ومما جاء في وصف لقمان انه كان يسمع كثيرا ويتكلم قليلا ، فإذا تكلم جاءت كلمته كالدرة بين الحصى. وإلى مثلها ينبغي السكوت والإصغاء ، وفي بعض الروايات : ان الصمت باب من أبواب الحكمة. أي من الحكمة السكوت والإصغاء للحكمة ، أما قول من قال : إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب فمعناه السكوت عن الباطل والفضول ، وإلا فان كلمة الحق نور وجهاد بخاصة إذا كانت ضد الظلم والجور ، وفي الحديث : الساكت عن الحق شيطان أخرس.