(فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ). للقريب الفقير حق على قريبه الغني ، وهو الإنفاق عليه بما يسد الخلة. وقال الشافعية والإمامية : تجب نفقة الأقارب إذا كانوا من الآباء وان علوا ، والأبناء وان نزلوا. وقال المالكية : لا تجب إلا نفقة الأبوين والأبناء الأدنين دون آباء الآباء وأبناء الأبناء. وقال الحنابلة : تجب نفقة القريب بشرط أن يكون المنفق وارثا للمنفق عليه. أما الحنفية فيرون الشرط الأساسي أن تكون القرابة موجبة لحرمة الزواج. والتوضيح في كتابنا : «الأحوال الشخصية على المذاهب الخمسة».
أما المسكين وابن السبيل فقد تقدم الكلام عنهما عند تفسير الآية ٦٠ من سورة التوبة ج ٤ ص ٥٩ (ذلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ). ذلك إشارة إلى الإعطاء ، وانه يجب أن يكون لوجه الله ، كما هو شأن أهل الصلاح والفلاح (وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ). قال جماعة من المفسرين : المراد بالربا هنا الربا المحرم. وقال آخرون : بل المراد به الربا الحلال ، ومثاله أن يهدي الرجل غنيا من الأغنياء ليرد الهدية أضعافا. والأولى حمل الآية على الاثنين ، وان كلا من آكل الربا المحرم والمهدي بقصد الربح لا ثواب له عند الله ، سوى ان الأول عليه عقاب ، والثاني لا ثواب له ، ولا عقاب عليه.
(وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ) أي يضاعف لهم الثواب والجزاء ، والمعنى الجملي أن من ينفق لوجه الله تعالى يزيد الله في ماله بالدنيا ، وفي ثوابه بالآخرة. قال الإمام علي (ع) : إذا أملقتم فتاجروا الله بالصدقات. وهذا مأخوذ من قوله تعالى : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً) ـ ٢٤٥ البقرة ج ١ ص ٣٧٥.
(اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ) أتبخلون بما آتاكم الله ، وتبتغون الرزق من غيره ، وهو الذي أوجدكم بعد العدم ، وأفاض عليكم من بركاته الواسعة ، وهو الذي يميتكم ثم يحييكم ، ثم يبعثكم للحساب والجزاء؟ فهل من أحد ممن ترجون فضله وتأملون نفعه يحيي ويميت؟ وإذا قدر على إعطاء بعض الفتات في هذه الحياة فهل يقدر