المعنى :
(وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ). تقدم مثله في الآية ١١٩ من سورة البقرة ج ١ ص ١٨٩ والآية ٣٧ من سورة الأنعام ج ٣ ص ١٨٤ والآية ٢٠ من سورة يونس ج ٤ ص ١٤٢ وغيرها.
(أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ) وكل ما فيه يشهد بأنه من عند الله ، وقد تحداهم أن يأتوا بسورة من مثله فعجزوا ، وكشف لهم عن الكثير مما أضمروا وخبأوا ، وقص عليهم قصص الماضين ، وشهد بصدقه المنصفون من أهل الكتاب ، وفي ذلك حجة كافية شافية لمن يطلب الحق من معدنه ، والمشركون الذين كابروا وعاندوا رسالة محمد (ص) على يقين من ذلك ، وما منعهم من اتباع الحق إلا المطامع والمنافع (إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ). ذلك اشارة الى القرآن ، وهو رحمة ونعمة لمن يعمل به ، وتذكير وموعظة لمن يصدقه ويؤمن بشريعته وآياته.
(قُلْ كَفى بِاللهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً) يشهد ويعلم اني قد بلّغت رسالته ، وانكم كذبتم وأعرضتم ، وأيضا (يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ولا تخفى عليه خافية ، (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ وَكَفَرُوا بِاللهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) كل ما نهى الله عنه فهو باطل ، وكل من عصى الله فهو كافر أو فاسق ، وكل منهما باء بغضب الله ومأواه جهنم وبئس المصير.
(وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَوْ لا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجاءَهُمُ الْعَذابُ). دعا رسول الله (ص) قريشا إلى التوحيد والعدل ، وحذرهم عاقبة الشرك والظلم ، فقالوا تعصبا لباطلهم : ائتنا بعذاب أليم .. وكان في قريش من يفضل الهلاك على الخضوع لمحمد (ص) كرها له وحقدا عليه ، وقد شاهدنا كثيرا من الناس ينكصون عن دعوة الحق كرها بالداعي لا بالحق .. فأجاب سبحانه المستعجلين بأن الله قضى وقدر أمدا معينا لعذابهم ، ولولاه لأتاهم العذاب في الحال (وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ). العذاب يأتيهم لا محالة ، ولكن فجأة ومن غير إشعار ليزدادوا ألما على ألم ، ألم الدهشة ، وألم الحريق.