التخيير في العمل أو على التساقط والرجوع إلى الأصل ، أو على الوقف مع الرجوع في العمل إلى الأصل.
الأمر الرابع : لو ورد مطلق ثمّ ورد مقيّدان متضادّان مثل : « أعتق رقبة » و « أعتق رقبة حبشيّة » و « أعتق رقبة بنباسيّة » ففي نهوض التضادّ قرينة على تحكيم دلالة المطلق على دلالتيهما فيحمل الأمر في كلّ منهما على الوجوب التخييري بمعنى وجوب مورده على أنّه أحد فردي الواجب التخييري فيكون ذلك تخييرا شرعيّا مؤكّدا للتخيير العقلي المستفاد من المطلق ، أو موجبا لإجمال المطلق باعتبار كشف كلّ منهما عن إرادة مورده منه ، فيكون « الرقبة » في المثال المذكور مردّدا بين الماهيّة المقيّدة بالحبشيّة والماهيّة المقيّدة بالبنباسيّة فيكون مجملا فيتوقّف ثمّ يرجع للعمل إلى الاصول الّتي منها أصالة الاشتغال المقتضية للجمع والتكرار تحصيلا ليقين البراءة وجهان ، مبنيّان على اختلاف الموارد من حيث العلم بأنّ المأمور به أحد المقيّدين في الواقع [ المعلوم ] عند الله بعد العلم بوحدة التكليف فيبنى على الإجمال والوقف ، كما في إطلاق [ الأمر ] بالصلاة في يوم الجمعة مع ورود الأمر بصلاة الظهر تارة والأمر بصلاة الجمعة اخرى وعدم العلم بالتعيين بعد العلم بوحدة التكليف بحيث احتمل كلّ من التعيين والتخيير في المقيّدين فيبنى على الجمع والتحكيم حسبما بيّنّاه.
الأمر الخامس : لو ورد مطلق ومقيّد وتعذّر العمل بالمقيّد كما لو قال : « أعتق رقبة » و « أعتق رقبة مؤمنة » ولم يتمكّن المكلّف من « المؤمنة » فهل تعذّر العمل به مانع من حمل المطلق عليه ، فيبقى على إطلاقه فيعمل بإطلاقه في الفرد الآخر الغير المتعذّر لسقوطه عن الاعتبار أو لا؟ لأنّ تعذّر العمل به يزاحم التكليف به فيسقطه ولا يزاحم دلالته على التعيين ، وحمل المطلق على المقيّد اعتبار يتبع الدلالة ، وسقوط التكليف بالعمل به ليس سقوطا له عن الاعتبار فيحمل المطلق عليه لفهم العرف ودفعا للتنافي ، ويلزم منه أن يكون تعذّر العمل بالمقيّد تعذّرا للعمل بالمطلق أيضا فيسقط التكليف بهما معا ، ثمّ يرجع الواقعة إلى مسألة استلزام انتفاء القيد انتفاء المقيّد وهو الماهيّة فلا يجب الإتيان بها في ضمن فردها الآخر لعدم تعذّره لعدم الدليل عليه ، والأصل براءة الذمّة عنه.
وهنا جفّ قلمه الشريف في مباحث الألفاظ ، ويا ليت امتدّ في الليالي والأيّام ، شكر الله سعيه وحشره مع سيّد الأنام.