ويسمّى الإيماء في هذين القسمين إشارة حسيّة ، أو غير محسوس حاضرا في الذهن معهودا عند العقل ويسمّى الإيماء فيه إشارة عقليّة.
ومن أمثلة القسم الأوّل في اسم الإشارة : « هذا الرجل » و « خذ هذا » مومئا باليد أو الرأس إلى الكتاب الحاضر مثلا ، وفي اللام « أكرم الرجل » و « يا أيّها الرجل » و « اغلق الباب ».
ومن أمثلة القسم الثاني في إسم الإشارة قوله تعالى : ( الم ذلِكَ الْكِتابُ )(١) وقوله أيضا : ( أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )(٢) إشارة إلى الموصوفين في الآية السابقة بالصفات المذكورة فيها ، فإنّهم كالكتاب وإن كانا من الامور المحسوسة بحسب ذواتها غير أنّهما غير مشاهدين حال الإطلاق.
وفي اللام قوله تعالى : ( فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ )(٣) وقول القائل : « خرج الأمير » و « أكرم العالم » عند انحصار أمير البلد أو عالمه في واحد معهود.
ومن أمثلة القسم الثالث في إسم الإشارة قول القائل : « هذا هو الأسد » فيما إذا وصفت حقيقة « الأسد » لمن لا يعرفها بذكر بعض ذاتيّاتها وخواصّها وأوصافها.
وفي اللام : « الرجل خير من المرأة » و « [ امّر ] على اللئيم يسبّني » و ( إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ )(٤) فاللام واسم الإشارة سيّان في معنى الإشارة والفرق بينهما من حيث اللفظ بالاسميّة والحرفيّة ، ومن حيث المعنى أنّ « اللام » موضوعة بالوضع العامّ لخصوصيّات الإشارة بمعنى الإيماء ، واسم الإشارة موضوع كذلك لخصوصيّات المشار إليه وهي الذوات الملحوظة بوصف الإشارة بمعنى الإيماء إليها ، فالإيماء في مدلوله ضمنيّ لا أنّه نفس الموضوع له المستعمل فيه ليكون الإسم موضوعا لمعنى حرفي بخلافه في « اللام » فإنّه فيه نفس الموضوع له المستعمل فيه.
هذا كلّه في تفسير الإشارة الداخلة في وضع « اللام » ويمكن إرجاع المعنى الثاني المفروض كونه مجرّدا عن اعتبار الإشارة إليها بنوع من العناية فيكون الفرق بينهما في مجرّد العبارة ، إذ الموضوع لملاحظة حال مدلول المدخول وهو المتعيّن المأخوذ بوصف تعيّنه الجنسي أو الشخصي لا يكون إلاّ آلة لملاحظة حال المدلول الّتي هي عبارة عن حيث أخذه بوصف تعيّنه لا غير ، وظاهر أنّ « اللام » لا يعتريها عنوان الآليّة لملاحظة الحالة المذكورة للمدلول إلاّ لتضمّنها معنى الإشارة والإيماء إلى الحقيقة المتعيّنة جنسا أو شخصا
__________________
(١) البقرة : ١ و ٢.
(٢) البقرة : ٥.
(٣) المزمّل : ١٦.
(٤) العصر : ٢.