(يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ وَاللهُ يَقْضِي بِالْحَقِ). ما أضمر الإنسان شيئا ، أو نظر اليه بخيانة وريبة إلا وكان الله عليما بما أضمر وأبصر ، وهو يقضي غدا بعلمه وعدله على كل خائن ومجرم قضاء لازما لا مرد له ولا اعتراض عليه (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ). المراد بالذين يدعون الخ .. كل ما عدا الله مما تعبده الناس صنما كان أو مالا أو جاها أو غير ذلك .. وبديهة انه لا قضاء في الآخرة إلا لله. (إِنَّ اللهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ). هذا تعبير ثان عن قوله تعالى : (وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) ـ ١٢ الطلاق.
(أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ وَما كانَ لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ واقٍ). هذا تحذير من الله للمجرمين أن يكون مصيرهم مصير الذين من قبلهم ، فقد كانوا أكثر منهم مالا وعددا ، ولما نزل بهم العذاب لم يجدوا وليا ولا نصيرا. وتقدم مثله في الآية ١٠٩ من سورة يوسف و ٤٦ من سورة الحج و ٩ من سورة الروم و ٤٤ من سورة فاطر.
(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ). تقدم مرارا ان عاقبة الذين كذبوا بالرسل الخراب والدمار. ولا فرق غدا في حكم الله وقضائه بين من كفر بالنبيين وبين من آمن بهم وخالف تعاليمهم وأطفأ سننهم وان عوملوا في الحياة الدنيا معاملة المسلمين.
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ (٢٣) إِلى فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَقارُونَ فَقالُوا ساحِرٌ كَذَّابٌ (٢٤) فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ (٢٥) وَقالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ