شك ان وجود المعلق على محال محال مثله .. وهذا أسلوب معروف بين العلماء في الجدل والنقاش ، وهو أبلغ في افحام الخصم.
(سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) من نسبة الولد والشريك اليه تعالى (فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ). ذرهم تهديد ووعيد ، والمراد بالخوض واللعب هنا القول في الله بغير علم ، ويومهم هو يوم القيامة (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ). الله وحده خالق الكون بأرضه وسمائه ، ومدبره بعلمه وحكمته ، ولا أحد سواه يستحق العبادة.
(وَتَبارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ). قوله تعالى : (وَما بَيْنَهُما) يومئ الى ان في الفضاء كائنات لا نعلم حقيقتها ، والساعة يوم القيامة ، ولا أحد يعلم متى تقوم الا الله (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) للحساب والجزاء (وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ). أنهم يعبدون الأصنام لأنها تشفع لهم عند الله بزعمهم. فقال سبحانه : كلا ، لا يشفع عنده إلا من نطق بكلمة التوحيد ، وآمن بها عن علم ، وكان المشفوع له أهلا للشفاعة والعفو عنه.
(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ). هم يعترفون بالله وانه هو الذي خلقهم ومع ذلك ينصرفون عن عبادته الى عبادة الأصنام. وتقدم مثله في الآية ٩ من هذه السورة (وَقِيلِهِ يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ). ضمير قيله يعود الى الرسول (ص) ، وهو على حذف مضاف عطفا على علم الساعة أي وعنده علم قول الرسول ، والمعنى ان الرسول قال لربه : ان الذين بعثتني اليهم لم يستجيبوا لي. فقال له سبحانه : لا تحتفل بإعراضهم فإن العاقبة لك عليهم. والمراد بالسلام هنا هو المراد بالسلام في قوله تعالى : (وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً) ـ ٦٣ الفرقان.
كتبت القسم الأخير من هذا المجلد في العشرة الأولى من شهر المحرم سنة ١٣٩٠ ه بفندق كربلاء المقدسة في جوار سيد الشهداء سبط الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم.