يغتسل به ويشرب منه ، فيبرأ بإذن الله تعالى. وهكذا كان (وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ). شفاه الله ورزقه من الأولاد والأحفاد ضعف ما فقد منهم. وتقدم مثله في الآية ٨٤ من سورة الأنبياء ج ٥ ص ٢٩٥.
(وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ). قال المفسرون : ان أيوب غضب على زوجته حين كان طريح الفراش ، غضب عليها لأمر يحدث بين المرء وزوجه .. فحلف ليضربنها كذا ضربة ان شفاه الله ، وبعد ان كتب الله له الشفاء أمره أن يضرب زوجته بمجموعة من الأغصان ونحوها دفعة واحدة ، وبذلك يتحلل من يمينه.
والآية لا تشير الى امرأة أيوب ولا الى غيرها من قريب أو بعيد ، ومع هذا فلا ننكر قول المفسرين ، حيث جاء في الآية ذكر الحنث والضرب ، وليس من شك ان الحنث فرع اليمين والضرب يستدعي وجود المضروب .. وطريح الفراش يضيق بأدنى الأمور ، وبالخصوص إذا حدث من أهله .. فمن الجائز ـ اذن ـ أن يحلف أيوب على ضرب زوجته لأدنى شيء يبدر منها .. وبالتالي فإن قول المفسرين غير بعيد.
وتسأل : ان قوله تعالى : وخذ بيدك ضغثا الخ يدل على ان الاحتيال على الدين جائز في شريعة القرآن مع انه أنكر على بني إسرائيل احتيالهم لصيد الحيتان ، كما صرحت الآية ١٦٣ من سورة الأعراف : (إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ). أنظر ج ٣ ص ٤١٠.
الجواب أولا : ان الضرب على هذا النحو مختص بأيوب وحده ولا يعم جميع الحالفين ، والا صرحت السنّة النبوية بذلك ، وأفتى به جميع العلماء. ثانيا : ان هذا احتيال من أجل الرحمة والانسانية ، وليس احتيالا على الحق والانسانية.
(وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ). أولي الأيدي أصحاب القوة على الصالحات ، والأبصار كناية عن العلم بالله ودينه ،