قال : وإنّي أُوصيكم بمحمّدٍ صلىاللهعليهوآله خيراً فإنّه الأمين في قريش ، والصدّيق في العرب ، قد جاءكم بأمر قَبِلَهُ الجَنانُ ، وأنكره اللسان مخافة الشنآن ـ إلى أن قال ـ ولو كان في أجلي تأخير لكفيته الكوافيَ ، ولدافعت عنه الدواهي غير أنّي أشهد بشهادته ، وأُعظّم مقالته»(١) الخبر(٢) .
ولا يخفى دلالته على عذر عدم الإجهار أيضاً ، فافهم .
ومنها : ما مرّ أيضاً عن كتاب شرف المصطفى ، وغيره : من أنّ قريشاً لمّا أجمعوا على مضادّة أبي طالب رضىاللهعنه وبني هاشم ، وكتبوا في ذلك صحيفة ، والتجأ بنو هاشم ، وأُحصروا مع النبيّ صلىاللهعليهوآله في شعب أبي طالب أربع أو ثلاث سنين ، فبعث اللّه الأرضة على صحيفة قريش ، فلحستها ما سوى اسم اللّه واسم النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فأخبر جبرئيل النبيّ صلىاللهعليهوآله بذلك ، فأخبر النبيّ صلىاللهعليهوآله أبا طالب ، فجاء إلى قريش وهم في المسجد فقال لهم : إنّ ابن أخي أخبرني ولم يكذب أنّ اللّه أخبره بحال صحيفتكم ، فابعثوا إليها فإن كان حقّاً فاتّقوا اللّه وارجعوا عمّا أنتم عليه ، وإن كان باطلاً دفعته إليكم فافعلوا به ما شئتم ، فأتوا بها وفكّوا الخاتم ، فإذاً مثل ما أخبرهم فسكتوا وتفرّقوا ، حتّى أنّه ذكر في هذا أيضاً شعراً صريحاً في إيمانه(٣) .
وقد نقل ابن بطريق(٤) في كتاب المستدرك في قصّة هذه الصحيفة :
____________________
(١) روضة الواعظين ١ : ٣٢١ / ٣٣٤ ، بحار الأنوار ٣٥ : ١٠٦ ـ ١٠٨ / ٣٤ .
(٢) كذا قوله : «الخبر» في النسخ .
(٣) نقله عنه ابن شهرآشوب في المناقب ١ : ٩٧ ـ ٩٨ ، والعلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ٣٥ : ٩٤ باختلاف فيهما ، وتقدّم تخريجه في ص ٤٣٥ .
(٤) هو يحيى بن الحسن بن الحسين بن عليّ بن محمّد بن البطريق ، المتكلّم الفاضل ، العالم ، المحدّث الجليل ، المعروف بابن البطريق ، له كتب ، منها : كتاب العمدة ، والمستدرك ، توفّي في سنة ٦٠٠ هـ .