قال : لمّا حضرت رسول اللّه صلىاللهعليهوآله الوفاة بكى حتّى بلّت دموعه لحيته ، فقيل له : يا رسول اللّه ، ما يبكيك؟ فقال : «أبكي لذرّيّتي وما يصنع بهم شرار أُمّتي من بعدي ، وكأنّي بفاطمة بنتي وقد ظُلمت بعدي وهي تنادي يا أبتاه ، يا أبتاه ، فلا يعينها أحدٌ من أُمّتي» ، فسمعت ذلك فاطمة عليهاالسلام فبكت ، فقال : «لا تبكين يا بنيّة» ، فقالت : «لست أبكي لما يُصنع بي ، ولكنّي أبكي لفراقك يا رسول اللّه» ، فقال لها : «أبشري يا بنت محمّد ، بسرعة اللحاق بي»(١) ، الخبر .
أقول : هذا الكلام من النبيّ صلىاللهعليهوآله إشارة إلى ما سيأتي في المقالة الرابعة من المقصد الثاني مفصّلاً صريحاً من بيان هجوم عمر وجماعة معه بأمر أبي بكر على بيت فاطمة عليهاالسلام لإخراج عليّ عليهالسلام والزبير منه للبيعة .
وكذا إلى منعها عن فدك ، والخُمس ، وبقيّة إرثها من أبيها صلىاللهعليهوآله .
ولا بأس أن ذكرنا مجملاً من ذلك هاهنا :
نقل جماعة ـ سيأتي في الموضع المذكور ذكر أساميهم والكتب التي نقلوا فيها ـ منهم : الطبري ، والجوهري ، والقتيبي ، والسيوطي ، وابن عبدربّه ، والواقدي وغيرهم خلق كثير : أنّ عمر بن الخطّاب ، وجماعة معه ، منهم : خالد بن الوليد أتوا بأمر أبي بكر إلى بيت فاطمة عليهاالسلام وفيه عليّ عليهالسلام والزبير وغيرهما ، فدقّوا الباب وناداهم عمر ، فأبوا أن يخرجوا ، فلمّا سمعت فاطمة عليهاالسلام أصواتهم نادت بأعلى صوتها باكية : يا أبتاه ، يا رسول اللّه ، ماذا لقينا بعدك من ابن الخطّاب وابن أبي قحافة(٢) .
____________________
(١) الأمالي للطوسي : ١٨٨ / ٣١٦ ، بحار الأنوار ٢٨ : ٤١ / ٤ ، و٤٣ : ١٥٦ / ٢ .
(٢) انظر : المصنّف لابن أبي شيبة ١٤ : ٥٦٧ / ١٨٨٩١ ، أنساب الأشراف ٢ : ٧٧٠ / ٢٦٨ ، تاريخ الطبري ٣ : ٢٠٢ ، العقد الفريد ٤ : ٢٥٩ ، الملل والنحل للشهرستاني ١ :