ثمّ إنّه قد وقع نظير ما ذكرناه في الزمان الذي ليس ببعيد كثيراً ، وهو قصّة جزيرة الخضراء التي رواها بطولها وتفصيلها العالم الثقة النحرير عليّ ابن فاضل المجاور بالغريّ ، ونحن نقتصر على خلاصة بعض ما نقله ، فإنّها طويلة جدّاً ونسختها مشهورة . قال جماعة ، منهم الفضل بن يحيى الطيبيّ الحلّي قال : سمعت من الشيخ الفاضل الورع الصالح المتّقي زين الدين عليّ ابن فاضل المازندراني المجاور بالغريّ حين اجتمعت معه بالحلّة ـ وهو نازل في بيت السيّد فخر الدين الموسويّ المازندرانيّ نزيل الحلّة ـ في محضر جماعة من علماء الحلّة أنّه قال : قد كنت مقيماً زماناً بدمشق ، ثمّ ذهبتُ إلى الديار المصريّة ، ثمّ توجّهت منها إلى جزيرة الأندلس ، فلمّا وصلت إلى أوّل قرية منها رأيت قفلاً وصل من شاطئ البحر ، فسألت عن حالهم ، فقالوا : إنّ مجيئهم من (بلاد تقرب بلاد البربر قريبة)(١) من جزائر الرافضة ، فاكتريت منهم حماراً وذهبت معهم حتّى قطعنا الأرض اليابسة وكانت قفراء ، ثمّ تركتهم ومشيت حتّى وصلت إلى جزيرة كبيرة ذات أسوار وأبراج وعمائر على ساحل البحر ، فدخلتُ مسجدها وإذا هُم(٢) شيعة مؤمنون ، وإذا بمؤذّنهم يؤذّن وينادي بحيّ على خير العمل ، ويدعو بتعجيل الفرج للإمام عليهالسلام بعد الفراغ ، فتعارفت معهم وأكرموني ، فسألتهم عن ميرتهم ، فقالوا : إنّها تأتي من الجزيرة الخضراء من البحر الأبيض المحيط بها ، وإنّها من جزائر أولاد صاحب الأمر ، فاشتقت إلى الذهاب إليها ، فما مكثت كثيراً إلاّ وقد وردت المراكب بميرتهم ، وأتاني كبير أصحاب المراكب وقال لي : أنت عليّ بن فاضل ، قلت : نعم ، فقال : أنا
____________________
(١) ما بين القوسين في «ن» هكذا : «جزيرة بقرب أرض البربر قريب» .
(٢) في «ن» : «وأهله كلّهم» ، بدل : «وإذاهُم» .