لسكناها ، كما كانوا يقولون : بيت اُمّ سلمة ، وبيت حفصة ، وهكذا ، وقد قال سبحانه في حكاية الطلاق : (لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ)(١) ومعلوم أنّ البيوت للأزواج .
هذا كلّه ، مع عدم نقل أحد طلب إجازة منها في الدفن ، ولا ذكر أحد إثبات دعواها بشهود عدول وبيّنة عادلة ، حتّى أنّ جماعة نقلوا : أنّ عثمان طردها في خلافته بما طرد به أبوها فاطمة عليهاالسلام (٢) .
وأمّا احتمال علم أبي بكر بذلك فمعارض بعلم عليّ لفاطمة عليهماالسلام أيضاً ، فإذا اتّهم عليّ عليهالسلام في شهادته فأبو بكر أولى بالتهمة ، حتّى أنّهم صرّحوا : بأنّ الحاكم لا يجوز له أن يعمل بعلمه إذا كان في مقام التهمة ، حتّى أنّ البخاريّ ممّن روى هذه المسألة في صحيحه ، فضلاً عن غيره(٣) . وظاهر أنّ منها ما نحن فيه .
وبالجملة : مَنْ تأمّل بعين الإنصاف علم يقيناً أنّ حكم أبي بكر في حكاية فاطمة عليهاالسلام كان ضروريّ الفساد ، مبنيّاً على العناد ، كما اعترف به بعض علماء المخالفين أيضاً ، فإنّه قد ذكر ابن أبي الحديد في شرحه عند حكاية فدك كلاماً طويلاً ، ثمّ قال : وسألت عليّ بن أحمد الفارقيّ الشافعي مدرّس المدرسة الغربيّة ببغداد ، فقلت له : أكانت فاطمة عليهاالسلام صادقة؟ قال : نعم ، قلت : فلِمَ لم يرجع إليها أبو بكر فدك وهي عنده صادقة ؟ فتبسّم ، ثمّ قال كلاماً لطيفاً مستحسناً مع قلّة دعابته ، قال : لو أعطاها اليوم فدك بمجرّد
____________________
(١) سورة الطلاق ٦٥ : ١ .
(٢) المسترشد : ٥٠٧ ـ ٥٠٨ ، الإيضاح لابن شاذان : ٢٥٨ ـ ٢٥٩ .
(٣) صحيح البخاري ٩ : ٨٧ في كتاب الأحكام ، وانظر : المغني لابن قدامة ١١ : ١ ـ ٤ ، والشرح الكبير ١١ : ٤٢٥ .