وسبعين ومائة ، فإنّ هارون قدم المدينة منصرفه من عمرته شهر رمضان ، ثمّ شخص إلى الحجّ وحمل موسى عليهالسلام معه ، ثمّ انصرف على طريق البصرة ، فحبسه عند عيسى بن جعفر بن المنصور الدوانيقي ، ثمّ أشخصه إلى بغداد فحبسه عند السنديّ ، فتوفّي في حبسه.
وقد روى جمع ، منهم جابر الجعفي ، قالوا : كنّا عند أبي جعفر عليهالسلام وكان أبو عبد اللّه عليهالسلام قائماً عنده ، فقال ابنُ عكاشة الأسدي : لأيّ شيء لا تُزوّج أبا عبد اللّه عليهالسلام فقد أدرك التزويج ؟ فقال وبين يديه صُرّة مختومة : «أما إنّه سيجيء نَخّاس من أهل بربر فينزل دارَ ميمونٍ ، فنشتري له بهذه الصُّرّة جاريةً» .
قال جابر : فقال لي أبو جعفر عليهالسلام ذات يوم : «قد قدم النخّاس من المغرب ومعه رقيق» ، ووصف لي صفةَ جاريةٍ معه ، وأمرني بابتياعها بُصرّة دفعها إلَيَّ ، فمضيتُ أنا وغيري إلى النخّاس ، فعرض علَيَّ من كان عنده ، وعرض علَيَّ حُميدة ، فقلنا له : بكم تبيعنا هذه الجارية ؟ قال : بسبعين ديناراً ، فقلنا له : نحن (نشتريها)(١) بما في هذه الصُّرّة ما بلغت ولا ندري ما فيها ، وكان عنده رجل أبيض الرأس واللحية ، قال : فُكّوا وزِنوا ، فقال النخّاس : إنّها إن نقصت حبّةً من سبعين ديناراً لم أبعكم ، فقال الشيخ : ادنوا ، فدنونا وفككنا الخاتم ووزنّا الدنانير فإذا هي سبعون ديناراً لا تزيد ولا تنقص .
قال جابر : قال النخّاس : لا إله إلاّ اللّه ، رأيت البارحة رسول اللّه صلىاللهعليهوآله في النوم وقد ابتاع منّي هذه الجارية بهذه الصُّرّة بعينها ، فأخذنا الجارية فأدخلناها على أبي جعفر عليهالسلام فأخبرناه بما كان ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، ثمّ
____________________
(١) بدل ما بين القوسين في « م » : «نشتري هذه الجارية» .