أغمضوا عن ذلك رأساً حيث عجزوا عن التوجيه ، وإنّما موّهوا على أتباعهم بذكر مجمل من حكاية فدك وتوجيه أنّها لم تثبت بشهادة رجل وامرأة ، حتّى أنّ بعض أعيانهم أراد الإشعار بالنقص لفاطمة عليهاالسلام في دعواها ، فموّه في كلامه ، فقال : إنّها ادّعت فدك مرّةً بالإرث ومرّةً بالنحلة(١) ، يعني : أنّها اختلفت في دعواها ، وقد عرفت حقيقة الأمر ، فإذا كان هؤلاء في هذه المرتبة من العصبيّة ، فكيف يتأتّى لهم نظر الاعتبار ، فاعتبروا يا اُولي الأبصار .
ولنرجع الآن إلى ذكر نبذ من سائر مناقب خديجة رضي اللّه عنها وصلّى عليها ، قد تقدّمت في أحوال بنتها فاطمة عليهاالسلام أخبار في كونها أيضاً : «سيّدة نساء العالمين» ، و«سيّدة نساء أهل الجنّة»(٢) .
وقد صرّح جميع(٣) أهل النقل من المحدّثين وغيرهم : أنّها هي أوّل من آمن من النساء باللّه ورسوله(٤) .
وممّن صرّح بأنّها أوّل من آمن مطلقاً : قتادة والزهري وابن عقيل وابن إسحاق ، فإنّهم لم يستثنوا أحداً(٥) ، ومن استثنى لم يستثن غير
____________________
(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١ : ١٩٨ ـ ١٩٩ .
(٢) مقتل الحسين عليهالسلام للخوارزمي ١ : ٢٥ و٢٨ ، الاستيعاب ٤ : ١٨٢٢ ـ ١٨٢٣ ، الشجرة النبويّة ليوسف بن حسن (ابن المبرد) : ٤٤ .
(٣) في «م» و«ن» : «جمع من» بدل «جميع» .
(٤) الاستيعاب ٤ : ١٨١٩ ـ ١٨٢٠ ، التبيين في أنساب القرشيّين : ٧١ ، الشجرة النبويّة ليوسف بن حسن (ابن المبرد) : ٤٤ ، تهذيب الكمال ٢٠ : ٤٨١ ، كنز العمال ١٣ : ٦٩٣ / ٣٧٧٧١ .
(٥) الاستيعاب ٤ : ١٨١٩ ، الذرّيّة الطاهرة : ٥٢ / ١٤ ، و٥٣ / ١٦ ، شرح الأخبار ٣ : ١٩ / ٩٥٠ ، و٢٠ / ٩٥٤ ، الإصابة ٨ : ٦٠ / ٣٣٣ وفي بعضها نُقل عن بعضهم .