التحكّم والعناد ، الناشئ من تسلّط بني أُميّة وعداوتهم لآل محمّد عليهمالسلام ، وسعيهم في تنقيص شأن هؤلاء ولو بوضع الأخبار وقتل الأخيار وتطميع الأشرار ، كما هو مذكور صريحاً في سِيَرهم ، بحيث صار دراية ، كيف لا ، ولا أقلّ من صدور فتنة حرب الجمل ـ التي قُتل فيها آلاف من المسلمين ـ عن عائشة بحيث لا مفرّ لهم عن ذلك غير الاعتراف بخطأها وادّعاء توبتها ، ومع قطع النظر عن وضوح حال مثل هذه التوبة التي تتعلّق بمثل تلك الفتنة التي لابدّ فيها من استبراء الذمّة عن خلق كثير يمتنع الوصول إلى أكثرهم فضلاً عن استرضائهم ، معلوم أنّ من صدر منه مثل هذا الخطأ ليس كمن برأه اللّه من الذنوب ونزّهه عن العيوب .
وقد أشرنا إلى جواب شبهة دعواهم أعلميّة عائشة ، مع أنّ ذلك ممّا إثمه أكثر من نفعه ؛ ضرورة أنّ الذنب من العالم أشدّ وأضرّ عليه ، بل ظاهر الآية(١) عدم قبول التوبة من مثل هذا ، وليت شعري كيف أخذت مسامع هؤلاء القوم ؛ بحيث لم يدركوا أنّ فاطمة عليهاالسلام إذا كانت سيّدة النساء ، وبضعة من الرسول ، وشجنة منه ، مخلوقة من نوره الذي هو نور عظمة اللّه ، وكذا من طينته ولحمه ودمه ، بل بمنزلة نفسه ، كيف يجوز أن يقال لمن لم يكن في ساحته تشابه صفة من صفات النبيّ صلىاللهعليهوآله : إنّه خير منها ، والتوجيه بأنّ المراد بالفضل كثرة الثواب أفضح وأشنع عند من صدّق رسول اللّه صلىاللهعليهوآله فيما ذكر في حقّها وحالها يوم القيامة في صريح الأخبار الماضية والآتية وغيرها التي رواها المخالف والمؤالف ، وهي في الكثرة بحيث لا تحصى .
ونعم ما قال رجل من علماء الشيعة حيث كان في مجلس جماعة من علماء المخالفين ، وتنازعوا في تفضيل عائشة وفاطمة ، فتكلّموا وأطالوا إلى
____________________
(١) الآية : ١٧ من سورة النساء (٤) .